المرأة قديما في بلاد شنقيط “أو أرض الرجال السُمر”

بقلم ذ.ماءالعينين سيدي بوية

بلاد موريتانيا أو ” أرض الرجال السمر” قديما كانت تسمى ببلاد “شنقيط” أو” شنجيط” ،إذ يزعم قدماء أهل البلاد أن معنى شنجيط عيون الخيل و أن السبب في ذلك أن موضعه قبل البناء،كان عيونا متفجرة تشرب منها الخيل فأضيفت العيون الى الخيل بلغة أهل ذلك الجيل في تلك البلاد، وربما فإن تلك اللغة التي يفهم منها معنى لفظة شنجيط عيون الخيل قد إندرست أي لم تعد شائعة بين أهل القطر يومنا هذا وهذا يزيد من غموض الكلمة و ذهاب معناها…
أما متى أطلقت تلك اللفظة على القطر فإنها أطلقت عليه منذ عهد قديم ،في حين أن المدينة المسمى بها القطر بنيت عام ستين وستمائة 660 بعد الهجرة النبوية ،ثم أن مدينة شنجيط الحالية كانت نتيجة مدينة بإزائها بنيت قبلها عام 600 ه .يقال لها ‘أبير’ بتشديد الباء .1
يقول الشيخ محمد الامام ابن الشيخ ماءالعينين في كتابه مخطوط اليد “اسعاف السائل” ،أهل شنجيط أكثر الناس أسفارا. لهم عاداتهم وأخلاقهم في حالة الحرب والسلم وفي حالة البداوة والحضارة وفي بيوتهم ومعاشرتهم ومخالطتهم للاجانب وكرمهم وغيرتهم وسائر أخلاقهم في هذه المسائل أقرب شيئ إليها طباع قبائل نجد والحجاز،و مثل كل البلاد العربية الآخرى المتميزة بالقبلية والتقسيم الإجتماعي….


في هذه البيئة ،وفي تلك الظروف التاريخية القديمة نظر للمرأة على أنها شخص له روح ووعي وعقل وأهمية وقيمة ،لذلك كانت النساء عند عامة أهل القطر الشنجيطي كأنهن لم يخلقن إلا للتبجيل والإكرام والتودد لهن فلا تكليف ولا تعنيف ولا تثريب وذلك عام في الأقسام الثلاثة .
فالمرأة هي سيدة جميع مايتعلق بالبيت متاعا وماشية والرجل بمثابة الضيف فلها أن تفعل فيه ماشاءت و يستحسن عندهم إظهار محبتهن والرغبة فيهن .وعلى سبيل المثال إمتازت نساء الزوايا بالقراءة فهن يشاركن الرجال في جميع الفنون مع الصيانة وعدم التبذل وزيادة الترف فغالبهن لابد أن تكون عندها من الإيماء ما يتولين عنها كلما تدعوا اليه الحاجة .
أما الملابس ، فأغلبها البساطة كما تقتضي حرارة البلاد وبداوة مداشرها وتفرقها فوق كثبان الرمال والواحات، فهو لباس بسيط واسع غاية، عريض منسحبا سائلا وراء قدميها تلتحف فيه، بعضه تشتمل به بمثابة قميص وتجعل بعضه فوق رأسها ثم تجعل طرفه أمامها وترمي جانبه الأعلى فوق منكبيها الأيسر وهذه هي “الملحفة” و الملاءة أي “الفَراجية أو كسوة أو فستان” العربية السوداء وهي عامة لباسهن الرسمي ولا يتبدل كيفا ولا كما .
أما عاداتهن في التحلي و أصناف الزينة فلهن إعتناء بأنواعها حليا وطيبا وخضابا ويصنعنها أشكالا مختلفة الأوضاع والأنواع ويرتبن إستعمالها على سنين :
تتحلى الكاعب بما يصلح لها إلى أن “تعصر” أي تحيض”، فيُّحلينها بما يصلح للمعصر ثم كذلك إلى أقصى الشباب إلى القواعد. ولهن مهارة في ضفر شعر رؤوسهن ،فالصبية من إبتداء صبوتها تتخذ لها ذوائب مرسلة لا ضفيرة فيها يحلق ما حولها وربما تركوا من الشعْر قدر ما يستر البشرة حول الذوائب يتخلله خطوط من الحلق تتكيف من تناسبها لذلك الشعر الخطوط والذوائب والخطوط تستدير وتستعرض وتستطيل .
وإذا راهقت تركوا الحلق و وفروا الشعر فتحل منه ضفائر في مقدم الرأس يُزين بالجواهر والخرز النفيس . أما إذا إستحكم بلوغها وتزوجت نقضوا تلك الضفرة .
وتختص الفتاة أيضا بقلادة يعلق طرفاها في غديرتي الصدغين حائطة بالترائب تتصل من خرز كبير أصفر وأبيض مشرب بحمرة يسمى “الميال” يفصل بالعقيق والمرجان ونحوهما .أو بنوع من الحجارة النفيسة والجواهر الثمينة ، يدعى ” المرفى” يوجد منمقا تنميقا عجيبا مابين اخضر واصفر واحمر .وفي بلاد شنجيط نوع من الشجر يقال له “سا نغ “أسود اللون يزداد إسودادا بعد الذبول يصنعون منه أساور منمقة بالفضة لتتزين بها المرأة …


1 الهامش (اسم موريتانيا يرجع إلى العصر الروماني [14] أطلق هذا الاسم على منطقة شمال إفريقيا كلها، وكانت هنالك دولتان قديمتان في شمال إفريقيا تحملان هذا الاسم هما موريتانيا القيصرية و موريتانيا الطنجية. وعندما برز المشروع الاستعماري الفرنسي في نهاية القرن التاسع عشر بعث هذا الاسم من جديد حيث إختاره قائد الحملة الفرنسية على البلاد كزافييه كابولاني إعادة إحياء اسم موريتانيا و أطلقه على هذه البلاد الواقعة بين المغرب والسنغال ،ومعنى كلمة موريتانيا تعني أرض الرجال السمر [15] وقد كانت موريتانيا من قبل معروفة عند الرحالة العرب أهل المشرق بأسماء منها بلاد شنقيط[16] وكذلك صحراء الملثمين و بلاد لمتونة . أما عامة سكان البلاد فكانوا يسمونها “أرض البيضان” في مقابل أرض السودان الواقعة جنوبها).حسب ويكيبديا الموسوعة الحرة .