
ظلت مرحلة ما بعد معركة سيدي بوعثمان الشهيرة و كما تطرقنا إلى ذلك في مناسبات سابقة، مرحلة مهمة من مسيرة المقاومة في سوس و بلاد الصحراء و التي للأسف لم تحظ بالدراسة التي تليق بها، فالجهاد في هذه الربوع دام زهاء العقدين من الزمن بقيادة الشيخ أحمد الهيبة ثم الشيخ مربيه ربه، لم تيأس القبائل المجاهدة في مناوشة الجيوش الفرنسية و مقارعتها رغم ضعف الإمكانيات و استعانة المستعمر بقوة السلاح و حداثته و المتعاونين من القيادات و القبائل التي رضخت له و من جنود المستعمرات….

الرسالة التي بين أيدينا تتحدث عن بعض فصول تلك المرحلة و بالضبط صفر 1343 هجرية الموافق لشهر شتنبر سنة 1924 ميلادية، حيث هاجم المجاهدون بقيادة الشيخ محمد الإمام بن الشيخ ماءالعينين العدو بقرية تيغرمن ” اغرمان كما أورد المؤرخ الطالب أخيار بن مامينا و هي قرية من قرى الأطلس الصغير ببلاد سوس”، و دامت المعركة يوما بالكامل، كبدوه خسائر و غنموا مغانم، حسب رسالة للشيخ نفسه أرسلها لأخيه الشيخ الجيه و للقائد المدني الاخصاصي وللطاهر الافراني أوردها الطالب أخيار في كتابه(*).
حسب المخطوط، فالرسالة المرسلة بحوزتها رسالة أخرى بخط الشيخ محمد الإمام للشيخ مربيه ربه بن الشيخ ماءالعينين:

“الحمد لله وحده صلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه
كافة المجاهدين بالمحلة السحلية عربا وعجما خصوصا القياد والكبراء والعلماء والأشياخ.
السلام عليكم ورحمت الله بوجود عز الأمير نصره الله.
وبعد، فقد أعلمناكم بالزحف إلى العدو وأن المجاهدين حاصروهم إلى العشاء ثم اعلموا آخرا ولله الحمد أن العدو دخلهم الرعب والفزع. ولما رجع المجاهدون خرجوا فارين من موضع يقال له تيغرْمَن عدته 25 دارا وقد أحاط بها رماة آيت عباس وفي الصباح غنم المسلمون ما فيها من الشعير والتبن وحرقها المسلمون وقد أضرت بالمجاهدين جدا، ونحمد الله على نصره وعونه. والمسلمون على يقين وحزم وعزم ورماتنا لله الحمد في ازدياد والله في عونكم وصونكم ولا تشكوا في نصر الله لكم وخذلان أعدائكم والله منجز وعده وهازم الأحزاب وحده والسلام في 1 من صفر عام 1343
وبراوة مولانا الخليفة على حدة بخط الخليفة سيدي محمد الإمام. وفق الله الجميع.”
(*) كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص407. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية