الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز حامن القاضي، العالم، المجاهد

بقلم: الدكتور ماء العينين النعمة علي*

افتتحت صباح يوم السبت 30 مارس 2019 على الساعة العاشرة والنصف صباحا بقاعة العروض بالمجلس العلمي المحلي لسيدي افني أشغال  الندوة العلمية في موضوع: الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز حامن ،القاضي، العالم، المجاهد التي نظمتها جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة بتعاون مع هذا المجلس. 

وهي ندوة علمية تسعى إلى التعريف بهذا المجاهد والمقاوم والعالم العلامة الكبير الذي كان له دور بارز في الدفاع عن الوطن ووحدته من خلال جهاده ومقاومته للمستعمر الأجنبي الفرنسي في الجنوب المغربي. كما كان له دور فعال  في ازدهار النهضة العلمية والأدبية والثقافية في المغرب عامة وفي المنطقة  الجنوبية خاصة من خلال إنتاجه العلمي والأدبي المتنوع في مختلف الفنون العلمية والأدبية التي كانت رائجة في عصره.

وقد استهلت الجلسة الافتتاحية بآيات بينات من الذكر الحكيم  ثم تلتها كلمات كل من:

– رئيس المجلس العلمي المحلي لسيدي افني  ألقاها نيابة عنه الأستاذ عبد الله مصدق  عضو المجلس العلمي.

– الكاتب العام لجمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة الأستاذ عبد الكريم شعوري.

– ممثل جمعية علماء سوس الأستاذ محمد الصالحي.

– ممثل أسرة المحتفى به نجله الأستاذ ماء العينين مربيه ربه.

وقد أكدوا جميعا في كلماتهم على أهمية هذه الندوة العلمية التي تعرف بعلم من أعلام الجنوب المغربي كان له إسهام فعال في خدمة العلم والثقافة والأدب واحتل مكانة علمية مرموقة ومنزلة أدبية رفيعة بين أدباء وعلماء عصره لكنه لازال لم يحظ بما يستحقه من اهتمام وبحث ودراسة من قبل الباحثين و الدارسين و المؤرخين .

وفي هذا الإطار تأتي مبادرة جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة و المجلس العلمي المحلي لسيدي افني هاته لتميط اللثام عن هذا العلم الفذ، وتعرف به وبإسهامه الفكري من خلال هذه الندوة العلمية المتميزة.

وختمت هذه الجلسة الافتتاحية بشهادات في حق المحتفى به ألقاها كل من:

– الأستاذ البشير الهرجاني عضو المجلس العلمي المحلي لسيدي افني.

– الأستاذ ماء العينين تقي الله حمدناه إطار بوزارة الصحة  بمدينة طنطان.

– الدكتور ماء العينين النعمة علي أستاذ بجامعة ابن زهر باكادير.

وبعد استراحة قصيرة وحفل شاي انطلقت الجلسة العلمية التي ترأسها السيد محمد بواكون عضو المجلس العلمي المحلي لسيدي افني وحاضر فيها كل من :

– الأستاذ حماني المحفوظ أستاذ باحث بمدينة بوجدور بعرض عنوانه:” جهاد الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز ومقاومته للاستعمار الأجنبي في الجنوب المغربي” تحدث في بدايته عن حياة الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز ومداركه العلمية ثم تطرق لجهاده ودوره في المقاومة المسلحة وقسمه إلى قسمين:القسم الأول خصصه للأوضاع العامة في الجنوب المغربي في أواخر القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين والقسم الثاني خصصه للمعارك التي شارك فيها وهي: معركة دامان التي وقعت يوم الرابع  من شهر ربيع الأول سنة ست وعشرين وثلاثمائة وألف ( 1326هـ) الموافق للسابع عشر من شهر ماي سنة ثمان وتسعمائة وألف (1908م) ومعركة المينان المعروفة عند أهل الصحراء بمعركة بوضرس التي وقعت يوم الثالث عشر من شهر جمادى الأولى سنة ست وعشرين وثلاثمائة وألف (1326هـ) الموافق للرابع عشر من شهر يونيو سنة ثمان وتسعمائة وألف (1908م) ومعركة المجرية/التفتار التي وقعت يوم الخامس عشر من شهر أكتوبر سنة ثمان وتسعمائة وألف (1908م) ومعركة تنشيبة التي وقعت يوم الثالث عشر من شهر ذي القعدة سنة ست وعشرين وثلاثمائة وألف (1326هـ) الموافق للحادي والعشرين من شهر دجنبر سنة ثمان وتسعمائة وألف (1908م).

– الدكتور ماء العينين النعمة علي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير بعرض عنوانه:” ملامح من شخصية الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز من خلال مراسلات علماء الصحراء” تحدث في بدايته عن مكانة الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز العلمية والدينية والاجتماعية والسياسية الكبيرة وعن إسهامه المتميز في ازدهار النهضة الأدبية والثقافية  في الجنوب المغربي ثم استشهد بأقوال بعض العلماء الكبار في حقه التي تبرز جوانب من شخصيته التي تجمع فيها ما تفرق في غيرها. بعد ذلك تحدث عن شخصيته من خلال المراسلات التي خاطبه بها أدباء وعلماء كبار لهم مكانتهم العلمية والأدبية الكبيرة عبروا فيها عن تقديرهم له وأشادوا من خلالها بخصاله الرفيعة وصفاته الحميدة ومكارمه الجليلة .

وقد صنفها إلى الجوانب الآتية: الجانب العلمي والجانب الديني والجانب الاجتماعي والجانب السياسي. وخلص إلى طغيان الصفات المنتمية إلى  الجانب العلمي وهذا ليس بمستغرب ما دام أن الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز قد عرف عالما وأديبا وشاعرا وفقيها ومحققا ومفتيا وقاضيا وهذا الجانب كان الأبرز في شخصيته.

– الأستاذ محمد عالي أمسكين أستاذ باحث بمدينة طنطان بعرض عنوانه:” منهج الفقيه الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز في نوازله ” تحدث في بدايته عن مجالات النوازل والفتاوى عند الشيخ سيدي محمد بن عبد العزبز وحصرها في مجال التحكيم بين القبائل ومجال الفرائض والمواريث ومجال المواشي والدواب ومجال القسمة والشفعة ومجال الأنكحة والطلاق ومجال الجهاد ومجال الشهادات والتبرعات. ثم انتقل للحديث عن خصوصيات الفتاوى عنده وحصرها في العمومية والواقعية والتوثيق والتوجيه والإرشاد والدقة في تحرير المسألة أو النازلة وجنوحه إلى الشرع والعادة والعرف.بعد ذلك تحدث عن منهجه في الفتوى مركزا على طول النفس في أجوبته والتزامه بالمذهب المالكي والاعتناء بالأصول وقواعده ومراجعته لنوازل وأحكام المفتين والتزامه الحق والصواب وتنوع مصادر الفتوى عنده وختم عرضه بالحديث عن الفوائد الاجتماعية والتاريخية والاقتصادية في هذه النوازل.

– الدكتور أحمد ابو القاسم عضو المجلس العلمي المحلي لسيدي افني بعرض عنوانه:” دراسة في رسائل الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز” تناول فيه بعض رسائل الشيخ الفقيه محمد بن عبد العزيز، بالتركيز على أهم مضامينها الموضوعية، التي تتجلى في الذاتية أو الشخصبة والمخاطبات الأدبية من مساجلات ومناقشات والفتاوى والنوازل والمسائل القضائية والجهاد والمقاومة.

– الدكتور محمد الحاتمي من كلية الآداب والعلوم الإنسانية التابعة لجامعة ابن زهر بأكادير بعرض عنوانه:” قضايا من شعر الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز”  اقتصر فيه على الوقوف عند بعض الظواهر والقضايا، التي تتصل بموضوعات شعره ولغـته. منها:

– الغرض الشعري: وأشار فيه إلى أن غرض المدح والإخوانيات اقتسما مجموع الأبيات مع طغيان غرض المدح ولاسيما ما خصص منه لمدح الشيخ ماء العينين.

– النفس الشعري: الذي لم يسر في كل النصوص الشعرية على وتيرة واحدة، بل إنه امتد في نصوص المدح امتدادا طويلا وقصر كثيرا في الإخوانيات.

– الرجز والقصيد: الذي نظم فيهما الشاعر شعره، مع غلبة القصيد على الرجز، ويقصد بالرجز قسيم القصيد، فالقصيد ما تألف من شطرين، تأتي القافية في آخر الثاني منهما، بينما الأرجوزة تتألف من شطر واحد (غالبا ما يكون على وزن الرجز)، يقفى آخره وتكتب الأرجوزة شطرا تحت شطر.

– المعجم الشعري الذي تراوح لدى الشاعر بين الغرابة والجزالة، مما يدل على رصيده اللغوي الكبير.

– المحافظة على تقليد البدء بالنسيب في القصائد المدحية:حيث لجأ الشاعر إلى افتتاح نصف قصائده المدحية بمقدمة غالبا ما يقف فيها على الأطلال، ثم يتبعها بالغزل ليتخلص إلى مدح شيخه، وهو وفاء لما درج عليه غالبية شعراء المدح في الشعر العربي.

وختم عرضه مشيرا إلى أن ما نظمه من شعر رغم قلته يدل على رسوخ قدمه في ميدان القريض. داعيا إلى طبع ديوانه ليطلع عليه عامة القراء، ولينضاف إلى الخزانة الشعرية المغربية ديوان آخر لشاعر فحل من شعراء المغرب.

– الأستاذ ماء العينين المحفوظ أستاذ باحث بوجان بعرض عنوانه:” الصورة في التجربة الشعرية للشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز” عرف فيه في البداية بالمحتفى به الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز و بمكانته العلمية و الأدبية و علاقته بشيخه الشيخ ماء العينين، ثم تحدث عن مفهوم الصورة الشعرية في التراث النقدي العربي باعتبارها مكونا ضروريا لأي نص شعري ففيها تتجلى أصالة الشاعر و إبداعه. ثم انتقل للحديث عن الصورة في النقد الحديث التي أصبحت إسما جامعا لكل التقسيمات التي حفلت بها كتب التراث البلاغي العربي. و في القسم الثاني من العرض حلل نماذج من قصائد الشاعر الشيخ سيدي محمد ملامسا أوجه الإبداع في الصورة الشعرية عنده من خلال التشبيهات و الاستعارات التي وظفها، مستنتجا في الأخير أنها لم تخرج على المألوف في التراث الشعري العربي، مع وجود ومضات إبداعية تفرد بها في بعض صوره الشعرية المبتكرة.

– الدكتور عمر بزهار من كلية الشريعة بآيت ملول التابعة لجامعة ابن زهر بعرض عنوانه:

” صورة  القاضي الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز من خلال ما قيل فيه من شعر ” انطلق فيه  من رصد صورة الشيخ من الترجمة القصيرة المقتضبة والدالة التي وضعها له المختار السوسي في الجزء الرابع من “المعسول”.ومن خلالها استوقفته كما يقول مسألتان:

  •  أولاهما: مهامه ووظائفه التي تقلب فيها، وهي: الكتابة، والقضاء، والتدريس، والخطابة، التي تكونت من خلالها شخصيته.
  • –   ثانيهما: الصفات والسجايا التي تتبارى في تشكيل صورته التي صقلتها مهامه وأعماله التي مارسها.

وهذه السجايا والصفات اتفق الشعراء الذين خاطبوه ومدحوه على إضفائها عليه، وتتمثل في أصله وأرومته وفي خصالها من تضلعه في علوم الشريعة واتصافه بالتقوى والعدالة والورع والجود والوفاء.

بعد ذلك عقدت الجلسة الختامية التي ترأسها الأستاذ عبد الله مصدق  عضو المجلس العلمي المحلي لسيدي افني وألقيت فيها الكلمات الآتية :

– كلمة جمعية الشيخ ماء العينين للتنمية والثقافة ألقاها رئيسها الدكتور ماء العينين النعمة علي

– كلمة المجلس العلمي المحلي لسيدي افني ألقاها عضو المجلس الأستاذ عبد الله مصدق

– كلمة أسرة المحتفى به ألقاها حفيده الأستاذ ماء العينين حماني المدير الإقليمي لوزارة التربية الوطنية والتكوين المهني والتعليم العالي والبحث العلمي بمدينة السمارة.

وقد أشادوا جميعا بهذه الندوة العلمية المتميزة التي أسهمت في التعريف بجوانب من شخصية  العالم والقاضي والمجاهد الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز الذي كان له دور بارز في الحياة الثقافية والعلمية والدينية والاجتماعية في الجنوب المغربي ولم يقتصر إشعاعه على هذه المنطقة وحدها بل امتد إلى مختلف المناطق الشمالية وكان له إسهام فعال في مد جسور التواصل مع مختلف أدبائها وعلمائها وأعيانها. وهذا يدعونا جميعا للاهتمام بهذا العالم العلامة الذي ما يزال الكثير من إنتاجه الفكري والعلمي والأدبي مخطوطا يحتاج إلى البحث والتحقيق والدراسة. كما أشادوا بنجاح الندوة الكبير على المستوى العلمي والتنظيمي شاكرين كل من أسهم في دعمها وإنجاحها.

  • كلية الآداب والعلوم الإنسانية
    جامعة ابن زهر
    اكادير