
بقلم: ماءالعينين بوية
- مقدمة:
في إطار السلسلة التعريفية بجهاد أبناء المدرسة المعينية وإسهاماتهم في التصدي للاستعمار ومقاومته ميدانيًا، وعلميًا، وتربويًا، نتوقف في هذه المقالة عند أحد أبرز أبناء الشيخ ماءالعينين، الذي ارتبط اسمه بالمقاومة منذ بدايات القرن العشرين إلى أواخر عقد الثلاثينيات. فقد شارك ميدانيًا في معارك أدرار وسوس، ثم واصل جهوده في احتضان رجال المقاومة وتأطيرهم ودعمهم في مختلف المواقع. فمن هو الشيخ الولي؟ وما مسار جهاده؟ وما أبرز إسهاماته العلمية والأدبية؟
- ترجمة الشيخ الولي:
الشيخ محمد الأمين، المعروف بالشيخ الولي بن الشيخ ماءالعينين، وُلد منتصف يوم الثلاثاء 27 جمادى الثانية سنة 1291هـ (10 أغسطس 1874م). وهو تاسع أبناء الشيخ ماءالعينين.
يقول ماءالعينين بن الحضرمي في تعريفه بالشيخ الولي بن الشيخ ماءالعينين: “نشأ في صيانة وكفالة حسنة، وقرأ القرآن على الوالد الشيخ السيد الحضرامي رضي الله عنه، وأجاد فيه ما شاء الله، وهو أول من أخذ الإجازة في القرآن.…”[1]
قال عنه ابن العتيق: “كان رضي الله عنه من كملآء الأساتذة، ونبلاء الجهابذة، جامعا بين العلوم الباطنة والظاهرة، متحليا بسائر الأخلاق الفاخرة، حلو الشمائل طليق الوجه كثير الإحسان، حسن التدبير مصاحبا بالتسخير… وكان من المهرة الحفاظ لكتاب الله رسما وقراءة، وكان صاحب اشتغال بعلم النحو والتصريف، ومسائل الفقه وفروعه…”[2]
عرفه الطالب أخيار بن مامينا في كتابه: “كان عالما ماهرا بالقرآن وعلومه. قرأ القرآن على الشيخ الحضرمي بن الشيخ أحمد حتى أتقنه. وذكر ماء العينين بن الحضرمي” أن صاحب الترجمة هو أول من أخذ الإجازة في القرآن من أبناء الشيخ ماء العينين”.
كان حافظة أعطاه الله فراسة لا تخطئ، وكان يخبر بالأشياء قبل وقوعها فتكون كما قال. درس العلم على والده وأخذ عنه الطريقة ولازمه، حتى صدره وأجازه.”
وشارك إلى جانب أخيه الشيخ حسن في الحركة الجهادية مع توغل المستعمر الفرنسي جنوبا، وأبلى أحسن بلاء في معارك انشيري وتكانت و”آدرار”، وجُرح في معركة “أقصيرْ الطرشان” التي قادها بنفسه ضد القوات الفرنسية أثناء تغلغلهم في “آدرار”، بعد وفاة الشيخ ماء العينين ظل إلى جانب أخيه الشيخ أحمد الهيبة في الحملة الجهادية، حيث عينه على وادي سوس وهوارة.
قال عنه ابن العتيق: “وسمعتُ أخاه الشيخ عبداتي يقول: ما رأيت أحدا أحسن تدبيرا من أخي الشيخ الولي، ولا أيسر عليه العطاء منه، يدبر أمور الدنيا ليقسم ما رزقه الله منها على أهل الحاجات“. وأضاف ابن العتيق: “وقد ولاه شيخنا لكثير من أمور خدمته الخاصة، وكان يخدمه بنفسه خدمة المريدين الصادقين وكان يرسله نائبا عنه لوجوه القبائل لما له من حسن الذكاء والمعرفة بمخالطة الناس على حسب عقولهم، فيظهر نجاحه في كل ما أنابه فيه. وسكن “تيرس” فكثرت فتوحاته وتدفقت فيوضاته، وتتلمذ عليه كثير من قبائل الزوايا. . . وصدر بعض مريديه لنفع العباد والبلاد“.
سكن تيرس وتوفي في الخامس من ربيع الثاني 1374 للهجرة الموافق لتاريخ 2 دجنبر 1954 ميلادية. له أنظام في مواضع مختلفة، منها نظمه في عدد أحرف القرآن وعدد آياته وسوره. وله نظم آخر في الاعتبار والابتهال، وأرخ فيه لما يسمى بسنة “أذرذيرْ النجوم”[3]
- جهاد الشيخ الولي بن الشيخ ماء العينين في مواجهة الاستعمار الفرنسي
مع تقدم المستعمر الفرنسي نحو شمال موريتانيا، أرسل الشيخ ماءالعينين أبنائه الثلاثة: الشيخ حسن، والشيخ الطالب خيار، والشيخ الولي، لاستنفار القبائل والزعماء المحليين ضد المستعمر المتوغّل، وللتمهيد لحملة مولاي إدريس القادمة من قاعدة الجهاد بالسمارة. توجت حملة الشريف بالانتصار في معركة النيملان ثم حصار مدينة تجكجة، وقد شارك أبناء الشيخ الثلاثة في معركة النيملان الشهيرة في شهر نوفمبر 1906[4]،
عاد الشيخ الولي إلى ساحة المعارك بأدرار، بعدما أرسله الشيخ ماءالعينين في مهمتين أساسيتين: النجدة والدعم. ففي عام 1908، قاد الشيخ الولي تعزيزات من المجاهدين لتأييد أخيه الشيخ حسن. وقد ورد في رسالة جوابية من الشيخ ماءالعينين إلى ابنه، مؤرخة في 1 مارس 1908، ما يؤكد ذلك، حيث يقول“… ابننا قرة أعيننا، حسن … وبعد فليكن في كريم علمك أنا وصلنا مكتوبك الذي مع محمد و عبد الله ومكتوبان بعد ذلك بأيام مع المختار وتصفحنا ما في الجميع من الخبر ولا بأس إن شاء الله إن الله معنا ونرجو الله أن يرد الذين كفروا بغيظهم لم ينالوا خيرا وأن يكفي المؤمنين القتال فإنه قوي عزيز. والآن ها نحن أرسلنا لك أخاك الولي رجاء من الله أن يتولانا ويتولاكم … وأما تحريض المؤمنين على جهاد الكافرين فإنه واجب لامتثال أمره تعالى واقتفاء أثره صلى الله عليه وسلم وبشر نفسك وبشر المسلمين بأن النصارى ولله الحمد صاروا منسفلين وعن المسلمين منحدرين لأجل إقامة مولاي عبد الحفيظ للجهاد وتحريضه للمسلمين عليه … وليس على من هنالك من المسلمين إلا أن يقوموا إليهم على ساق الجد مرة واحدة ويتركونهم إن شاء الله كلا شيء والله ينصر المسلمين في كل البلاد…”[5].
شهدت سنة 1909 معارك بطولية، كان أهمها معركة “اغسرمت”، يقول الرائد GILLIER “واجه يوم 28 ابريل 1909 هجوما من مريدي ماءالعينين القادمين من السمارة“[6]، وفي ذلك يقول الضابط Gouraud: “كان العدو مقسماً إلى مجموعتين، الأولى تحت قيادة أبناء ماء العينين، الولِي والشيخ حسانة، كانت لا تزال موجودة في الكثبان الرملية جنوب سبخة الجل، حيث اتخذت موقعها منذ أبريل. وتكونت هذه المجموعة بشكل أساسي من الطلبة والرقيبات. أما المجموعة الثانية، فكانت قرب وادان، وتضم أولاد غيلان الذين بقوا غير خاضعين مع الأمير ولد عيدة.”[7]
يقول المؤرخ الطالب أخيار أن معركة “اغسرمت” وتحرك المقاومة كان وثيق الصلة بالرسالة التالية للشيخ ماء العينين التي بعث بها إلى الشيخ محمد الأغظف، وتضمنت أنه جهز غزوة جهادية ووجهها إلى آدرار : ” الحمد لله وحده وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم ابننا ثمرة أفئدتنا قرة أعيننا محمد الأغظف حفظك الله من بأس المشروف والأشرف، وسلام الله تعالى ورحمته وبركاته … وبعد وفقد وصلنا مكتوبكم وما تضمنه من الخبر، ولا بأس إن شاء الله، عسى الله أن يكف بأس الذين كفروا . وها نحن وجهنا أخاك الولي، حفظه الله، ومعه غزوة عسى الله أن يؤيده ويؤيدهم بنصره والله المستعان وعليه التكلان ونرجوه أن يحفظنا وإياكم بالتمام وعلى المحبة والسلام في 12 المحرم عام 1327هـ . مارس (1909م)”[8].
تتطور أحداث المقاومة لتنتقل من معركة إلى أخرى، يقول النقيب غاستون دوفور:” وصل النقيب ابلوميون إلى أطار يوم 21 يوليو ومعه فصائل جمالة الكتيبة وخمسون رجلا لتعزيز سرايا الرتل وخمسون وأربعمائة جمل. بدأ الهجوم فورا. أكدت كل معلوماتنا الاستخبارية أن العدو منقسم إلى مجموعتين: أولاد غَيْلان وقسم من ارقيبات في منطقة ودان بينما يوجد أولاد الشيخ ماء العينين واتلاميد وبعض أحياء أرقيبات في تورين والْعَرْفيه. وجهنا أولى ضرباتنا إلى تجمع أَظْهَرْ….”[9]
في نفس السياق يحدث الرائد جيليه ممهدا لتفاصيل معركة “اكصير الطرشان”، التي قادها الشيخ الولي حيث يقول “في 21 يوليو، عاد جنود الإبل (المهرة) التابعون للكابتن بلوميون، ومجهزون تجهيزًا جيدًا، إلى أطار. وفي يوم 28، جاء الوالي بوقاحة ليحتل كصر طرشان، على بعد 28 كيلومترًا من أطار، بزعم أنه سيقيم فيها القيطنة . إلا أنه هُزم من قبل المجموعة المكونة من 300 جندي سنغالي وموريتاني، والتي كانت قد وُضعت تحت قيادة الكابتن دوبيرتوي. كلفنا الانتصار خسارة أحد أفضل ضباطنا، الملازم فيوليه، لكن الوالي فر عائدًا بكل سرعة….”[10]
ومن مصدر فرنسي أخر نقتبس “في 27 يوليو/تموز، هاجمت القوة الخيالة بأكملها (320 جنديًا ومسلمًا) غارة منشقة على قصر تورشان، بقيادة الوالي، أحد أبناء ماء العينين.
بعد معركة دامت حوالي ساعة، فرّ العدو، تاركًا وراءه 10 قتلى، و5 بنادق سريعة الطلقات، و20 جملًا، وخراطيش، وأمتعة.”[11]
- قيادة معركة أكصير الطرشان:
بلغ الشيخ الولي ذروة بطولته في معركة “أكصير الطرشان” في يوليو 1909، التي قاد فيها قوة من المجاهدين.وقد ورد في كتاب العمليات العسكرية الفرنسية “أن العقيد الفرنسي يوم 27 يوليو، يتفقد القوات الراكبة المتجمعة في واد آزوكي على بعد كيلومترات من أطار، عندما علمنا أن مفرزة قوية من التلاميذ والرقيبات يقودها الولي ولد الشيخ ماء العينين وصلت إلى كصر الطرشان، وبعد منتصف النهار، تقدمت استطلاعات العدو حتى أصبحت على بعد عدة كيلومترات فحسب من المركز. تلقى النقيب دوريتوي الأمر بالتحرك ليلاً، بالقوات الراكبة، إلى شمال “كصر الطرشان وأن يهاجم عند انبلاج الصبح.
أما العقيد، فقد توجه مباشرة من أطار إلى كَصْر الطُّرْشَان تحت إمرة السريتان الأولى والثالثة والمدفعية وفصيلة رشاشات. وصل الحملة عند الساعة الخامسة والنصف صباحا قرب معسكر العدو المقام في واحة عند سفح مرتفع صخري. وعند بداية الاشتباك، احتلّ التلاميذ هذا المرتفع الصخري. اندفع الملازم الأول أفولي إلى الواحة بشجاعة أمام رجاله من الأنصار فقتل في نفس اللحظة تقريبًا وبدأت معركة عنيفة حول جثته التي بقي يدافع عنها رقيب الدرك شارل وعدة من الأنصار.
عززت جمالة الترارزة ثم فصيلة Mugrier Pollet خطنا الذي يتقدم بصعوبة وسط الحيطان والزرائب التي تقسم الواحة إلى سلسلة من المزارع الصغيرة.
عند الساعة السادسة، أطلق النقيب دوبيرتوي الملازم الأول أوبير مع فصيلة Bertome لاحتلال المرتفع الصخري وأسندت هذه الحركة بنيران فصائل النقيب إبلوميون. تراجع العدو أمام هذه الهجمات المتتالية وفر تاركا خيامه وأمتعته وما يقارب العشرين جملًا.
خسر العدو عشرة قتلى، أما خسائرنا فكانت قتيلين (الملازم الأول أفولي ونصير) وأربعة جرحى (ثلاثة رماة ونصير).عطلت بعض الحوادث مسير قوة العقيد وحين وصل حوالي الساعة السادسة والنصف وجد المعركة قد انتهت منذ قليل.غادر النقيب دوبيرتوي كَصْر الطُّرْشَان يوم 30 يوليو ومعه القوات الراكبة.“[12]
من زاوية أخرى، يقول المؤرخ الطالب أخيار عن المعركة:” بعد الهجوم على الحامية الفرنسية في “أغسرمت” عادت سرية المجاهدين إلى “أطار” لتلتحق ببقية الجيش. وبعد ذلك، انضم إليها لواء من المجاهدين على رأسه الأمير سيدي أحمد بن عيده وفي منتصف شهر يوليو بدأوا الزحف إلى “أقصير الطرشان “. وفي يوم 28 يوليو تحت قيادة الشيخ الولي، اشتبكوا مع وحدات النقيب ديبرْتويسْ الذي لقي حتفه في تلك المعركة. بلغ عدد المجاهدين ثلاثمائة وأربعين مقاتلا وبعد وصولهم إلى “أقصير الطرشان” توزع المجاهدون إلى جبهتين: إحداهما اتخذت موقعها في النخيل، والأخرى عسكرت في الممر المؤدي إلى طريق أطار. فلما علم غورو بوجودهم في “أقصير الطرشان”، أرسل النقيب ديبرتويس على رأس قوة كبيرة ليلة 28 يوليو 1909 حيث عبرت ممر “تَنْزَاكْ” شمال غرب “أقصير الطرشان”، في سِريّة تامة، لمباغتة قوات الشيخ الولي من الخلف في الصباح الباكر. في بداية الاشتباك قتل الملازم قائد سرية الاستطلاع على الفور وسبعة من جنوده، مما سبب الارتباك للقوات الفرنسية والتقهقر إلى الخلف، واستطاع المجاهدون في هذا الوقت الحرج أن يستولوا على ستين بندقية بعد أن فر عنها أصحابها من “الكوم”. ولكن مفرزة ديبرتويس كرت بقوة واستطاعت اختراق صفوف المجاهدين بسرعة فائقة وتشتيت قواتهم، فانهزمت طائفة من المجاهدين وانسحبت في الحال بعد أن أصيب الشيخ الولي بجرح في ساقه اليمنى وثبتت معه جماعة التلاميد وطائفة من أهل القاسم ابراهيم، وكل من عالي بن أمحمد والشيخ بن أنفع الغيلانيان حتى أنهما كادا أن يقعا في أيدي الجنود
الفرنسيين.”[13]
وقد أُصيب الشيخ الولي في قدمه اليسرى خلال هذه المعركة، مما يبرز مشاركته الميدانية المباشرة والتضحية الجسدية التي قدمها.
- استمراره في الجهاد بعد وفاة الشيخ ماءالعينين:
بعد وفاة الشيخ ماءالعينين، واصل الشيخ الولي مسيرته الجهادية بثبات. ومع انتقال حركة الجهاد إلى منطقة سوس ومبايعة الشيخ أحمد الهيبة قائداً لها، عيّن الأخير الشيخ الولي خليفة له على جهتي سوس وأكادير، الأمر الذ.يبين مكانته القيادية بين المجاهدين[14].
بعد الهزيمة في معركة سيدي بوعثمان، تحوّلت المقاومة إلى منطقة سوس، حيث أعادت تنظيم صفوفها في جبالها الوعرة. في المقابل، توغّلت القوات الفرنسية مدعومة ببعض القياد الذين انضموا إلى صفّها، وعلى رأسهم الباشا حيدة بن ميس، الذي حاول التقدم نحو تزنيت لطرد المقاومين من محيطها. وفي خضم هذه التطورات، تجلّى دور الشيخ الولي بشكل بارز، إذ هبّ لنصرة القبائل المقاومة في قرية “وجان”، وتمكن سنة 1915 من صدّ هجوم الباشا بكل شجاعة وبسالة. وقد أشاد الشيخ أحمد الهيبة بهذا الموقف في رسالة وجّهها إلى الشيخ مربيه ربه، مثنيًا فيها على بلاء الشيخ الولي وموقفه البطولي: صنونا الأبر الأغر الخليفة الشيخ مربيه ربه أمنك الله ورعاك وبعد، فقد وصل كتابك الأعز واستفدنا منه أحوالكم وجميل سعيكم ثمت فحمدنا الله عليه ، وقدم الأخ الأبر الخليفة الشيخ الولي فأغاث الإيالة الشريفة بوجان إغاثة هاشمية الله دره، وقد توجه إليكم في حفظ الله…”[15]. ولم يتأخر في نجدة المجاهدين مرة أخرى بوجان في يونيو 1916[16],
لم يكن الشيخ الولي بمنأى عن الحراك الجهادي الذي عرفته مناطق تيرس والساقية الحمراء وشمال أدرار، بقيادة ثلّة من المجاهدين، من أبرزهم وجاه ومحمد المامون، وعلي ولد أميارة ولد ميشان، وغيرهم. فقد شكّل الشيخ الولي بالنسبة إليهم مرجعية روحية، ومصدرًا للدعم المعنوي والاجتماعي.
وقد حلّ الشيخ محمد تقي الله (وجاه) ضيفًا مهاجرًا على الشيخ الولي، حيث اجتمع في مضاربه سنة 1923 مع عدد من المقاومين، ونسّقوا معًا حول سبل تفعيل العمل الجهادي ومجابهة الاحتلال[17].
كان للشيخ الولي دور بارز في الاستنفار العام الذي سبق معركة “أم أغوابة” سنة 1924، وهي من المعارك الكبرى التي شهدتها تلك المرحلة الحاسمة من الكفاح.
وفي سنة 1925، أشار في إحدى رسائله إلى أخيه الشيخ مربيه ربه إلى معركة “الطريفية”، متحدثًا عن تفاصيلها وعدد المجاهدين المشاركين فيها، في سياق يعكس استمراره في تتبع سير المقاومة وتوثيقها.[18]، مؤكدًا استمرار الفعل الجهادي وتنظيم المقاومة، كما كلّف ابن أخيه، الشيخ مامينا بن الشيخ سيداتي، بمهمة خاصة ضمن مجموعة من المقاومين، بهدف تصفية أحد الوشاة، وذلك استجابة لرسالة وردته تشكو من أذاه وخيانته للمقاومة. ويُبرز هذا الحدث الجانب التنظيمي في العمل الجهادي الذي أشرف عليه الشيخ الولي، والذي لم يقتصر على المواجهة المباشرة، بل شمل أيضًا متابعة العناصر المهدِّدة من الداخل. [19]. كما شفع في أسير أجنبي سنة 1935، وهو موقف يُبرز بعده الأخلاقي والشرعي داخل الحركة الجهادية.[20]
- خاتمة:
كان الشيخ الولي حاضراً في صفوف المقاومة منذ انطلاق رصاصتها الأولى، وقد شهد أبرز معاركها في الشمال الموريتاني، ثم واصل نضاله في سوس، وظل فاعلاً محورياً في الحركة الجهادية بجنوب المغرب حتى مطلع ثلاثينيات القرن الماضي.
لقد كان بحق مجاهداً مغيثاً، ونصيرًا ثابتًا، وسندًا داعمًا للمقاومة في مختلف مراحلها ومنعطفاتها.
المصادر:
[1] إفادة الأقربين للشيخ ماءالعينين بن الحضرمي، ص 33 مخطوط.
[2]سحر البيان للشيخ ماءالعينين بن العتيق، مخطوط،ص 110.
[3] كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الأولى ص 352 تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
[4] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني ، الطبعة الثانية ص 257, تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
[5] رسالة جوابية للشيخ ماءالعينين، مارس 1908، نفس المصدر ص 299
[6] نفس المصدر ص 365
[7] La pacification de la Mauritanie : journal des marches et opérations de la colonne de l’Adrar / Colonel Gouraud. p17
[8] رسالة إلى الشيخ محمد الأغظف، مارس 1909، الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني ، الطبعة الثانية ص 363, تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
[9] تاريخ العمليات العسكرية في موريتانيا ق17 -1920، النقيب غاستون دوفور، ص 140
[10] ص18
[11] Ministère de la guerre Revue des troupes coloniales jue n 170 page 351
[12] تاريخ العمليات العسكرية في موريتانيا ق17 -1920، النقيب غاستون دوفور، ص 140
[13] كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 367. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.
[14] نفس المصدر 411
[15] ص 492
[16] ص 496
[17] ص573
[18] ص595
[19] ص601
[20] ص 621