العالية بنت الشيخ ماءالعينين
ولدت أواخر المحرم عام 1283 هجرية.
قال فيها ماء العينين بن الحضرام في كتابه (إفادة الأقربين): نشأت في عفاف وصيانة وأدب وديانة، وقرأت على أبيها كثيرا من العلوم، ورباها أحسن تربية وأدّبها أكمل تأديب، حتى صار لها من الجميع الحظ الأوفر، وكانت عابدة سخيّة بارّة بأبويها، لا تغفل عن عبادتها، متواضعة فارهة في جميع صناعات النساء الحسنة ما شاء الله، كثيرة الصدقة مؤثرة للغير على نفسها قانعة حييّة، وكان شيخنا [الشيخ ماء العينين] رضي الله عنه يحبها ويعجبه عقلها ورأيها وأدبها، وإذا غضب على أحد من عياله لا يقدر أحد أن يقوم لغضبه سواها، فكانت تحول بينه مع من غضب عليه وتترضاه حتى يرضى، ويدعو الله لها على ذلك فتظهر تربيتها، ولها كرامات كثيرة ومزايا شهيرة، ولها خبرة وعقل ومشاركة في كثير من العلوم.
ونقل الشيخ النعمة في كتابه (الفواكه)، أن الناس كانت في وقفة شديدة من قلّة المطر والمير، فجاءت العالية لأبيها [الشيخ ماء العينين] وقال “لا بد أن يأتيكم الله في هذا اليوم الذي أتتكم فيه ابنتي العالية بخير كثير من عنده”، فأتى المطر ولبث الناس ثلاثة أيام بلياليها حتى امتلأت الغدران وسالت الأودية، وأتى في تلك الأيام المير وكثر الخير، وزال عن الناس الضير.
وقد قال والدها الشيخ ماء العينين في حقها، إنه لو كانت النساء تتولى القضاء عنده لولّاه ابنته العالية.
وقال فيها الشيخ مربيه ربه في كتابه (قرة العينين): السيدة التقية الكيّسة العاقلة، الأديبة الذلقة العالية، وهي التي وقعت لشيخنا [الشيخ ماء العينين] كرامته بالتبشير بها أيامه مع أبيه [شيخنا الشيخ محمد فاضل]، وذلك أنه رأى أنه ولدت له بنت من شأنها كذا وكذا، وأنها تعيش معه أربعين سنة، فقصّ الرؤيا على أبيه، رضي الله عنهما، فقال له “هذه الرؤيا صحيحة، فإذن أخّر هذا الاسم في ذريتك”، فكان من قضاء الله أن العالية ولدت عند أخوالها وهو رضي الله عنه غائب، فسمّوها العالية، توفيقا من الله، فلما قدم شيخنا رام تبديل اسمها لإيصاء والده له، إذ هي من أول بناته اللاتي ولدن له في الساحل، فأبت من صغرها وكانت لا تجيب من خاطبها باسم غير اسمها العالية، فعجب شيخنا رضي الله عنه وترك اسمها على حاله، وقال “وكان أمر الله قدرا مقدورا”، وكانت رحمها الله بارّة به وبجميع أولاده، وكانت حظيّة عنده رضي الله عنه، ولم يتوفّ رضي الله عنه حتى عاشت معه العدد المتقدم ذكره في الرؤيا.
توفيت رحمها الله غرة ربيع النبوي عام 1339 هجرية بأرض طاطا، قرب عين تسمّى (عين الصكّة)، فلما دفنت حولها سمّتها الناس (عين البركة).
مصادر الترجمة:
مخطوط سحر البيان لماء العينين بن العتيق ص 122
الفواكه للشيخ النعمة مرقون ص 37