ماء العينين بن العتيق هو ماء العينين بن العتيق بن محمد فاضل بن محمد الليل بن محمد بن أحمد بن الطالب أخيار بن الطالب محمد بن الجيه المختار أمه : العالية بنت الشيخ ماء العينين. ولد عام 1306هـ 1888م، تُوفي عنه والده وله خمس سنين، فكفله جده الشيخ ماء العينين، ورباه أحسن تربية كان رحمه الله من جهابذة العلماء، ومن فطاحل علماء اللغة له اليد الطولى في علومها نحوا وتصريفا وبلاغة وبيانا، وكان من أمراء الشعر، متفننا في صوغه مبدعا في معانيه رصين الشعر عذب الالفاظ، رائق الأسلوب ، وكان يقول الشعر على البديهة لا يسهر عليه جفنا، ولا يكد فيه طبعا شعره حري بان يكتب على جبهة الدهر، ويعلق في كعبة الفخر كما يقال. كان في صغره بطيء الحفظ، فجاء به معلمه وهو محمد بن أنباله التيشيتي إلى الشيخ ماء العينين وأخبره بأن فيه فدامة، وأنه قد تعب في تحفيظه سور القرآن فقال له الشيخ ماء العينين: دعه لي أباشر تعليمه، وأرجو من الله له الفتح، وأمر والدته العالية أن تعلمه مبادئ الفقه واللغة. وكانت والدته من العالمات، فقد كانت إلى جانب حفظها للقرآن وإتقانه تحفظ الكامل للمبرد في الأدب وغيره من النصوص، فما هي إلا أيام، حتى ظهرت عليه علامات النجابة، وصار حافظة، ونبغ بالشعر وهو صغير السن.
ذكر ماء العينين بن الحضرمي أنه أتقن حفظ القرآن حتى أخذ فيه الإجازة، وأنه قرأ النحو والفقه والبيان والأصول وغير ذلك على الشيخ ماء العينين وبرع وفاق عصره، وأن الشيخ ماء العينين كان يُحبه غاية، ويؤثره على غيره . أخذ الإجازة في القرآن ورسمه، وله إثنتا عشرة سنة، ثم أخذ الإجازة في رواية ورش وقالون عن زين بن البكاي القلقمي، وله ثلاث عشرة سنة، بتاريخ 11 شعبان 1319هـ (25) نوفمبر 1901م). كما هو مثبت في نص الاجازة. وأجازه الشيخ محمد العاقب بن مايابي في علم أصول الفقه.
ذكر الشيخ النعمة أن الشيخ ماء العينين كان مقربا له غاية، شديد المحبة له والإعتناء به في صغره وكبره، وكان يجلسه على بساطه معه . وهو صغير مع أبنائه الكبار ويُشركه معهم، ولا يقبل لأحد من أقرانه وغيرهم التعرض له بسوء وكثيرا ما سمعته يثني عليه بانواع شتى من الثناء الحسن ومنذ أن أخذ الإجازة في القرآن رتبه الشيخ ماء العينين قارئا للحزب عن يمينه بعد صلاة الفرض من الصبح والمغرب والعشاء، وظل يقرؤه إلى ليلة وفاة الشيخ ماء العينين عام 1328هـ وقد ألف في كيفية قراءة الحزب، عند الشيخ ماء العينين تأليفا سماه “تحفة المكاتب بقراءة شيخنا الشيخ ماء العينين لحزبه الراتب ” . كما رتبه الشيخ ماء العينين مدرسا بالسمارة.
تقلد منصب القضاء مدة في مدينة الطنطان. وفي سنة 1956م عين أستاذا بالكلية اليوسفية بمراكش. له مؤلفات عديدة في مختلف العلوم منها البغية من ملخص الأحكام الشرعية على المستمد من مذهب المالكية” . وهي منظومة تقارب ألف بيت. و مطالع الأنوار في مديح المختار” وهو ديوان شعر في مدح الرسول الله و بحور البدائع المحتوية على درر الاشعار المصطفوية و “سحر البيان في شمائل شيخنا الشيخ ماء العينين الحسان” وهو عمدتنا في كثير من التراجم وغيرها ومنظومة في سيرة فقهاء المدينة وأعيان المذهب؛ وكتاب في محاضرات المؤلف ومساجلاته الشعرية مع بعض علماء وشعراء فاس ومكناس ومراكش وسلا والرباط ؛ و مسرح الأفكار بسيرة النبي المختار ” ، وهو في حوادث السيرة، وله نظم على قوانين ابن جزي؛ وله ديوان كبيرا ورحلة حجازية هي “الرحلة المعينينة حققهما .د. محمد الظريف، وطبعا ضمن منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتبادل الثقافي.
ولما لصاحب الترجمة من طول باع ورسوخ في اللغة وآدابها، والفقه فروعا وأصولا ، استجازه العلماء والأدباء فأجازهم منهم مؤرخ المملكة المغربية الشاعر العلامة عبد الوهاب بن منصور، والعالم الشاعر أبو بكر بن الشيخ مربيه ربه وغيرهما. توفي رحمه الله في مراكش يوم الثلاثاء 26 رجب عام 1376هـ (26 فبراير 1957م)، عقب من الأولاد: سعداني أمها: الريم بنت الشيخ حسنا وسعاد، ومحمد الامام أمهما : فاطمة بنت محمد تقي الله بن أبي حازم.
له في مدح جده وشيخه:
عج بالركاب على الكعاب وسائل
لم لا تقابل بالقول وسائلي
##########
قد آن أن أدع الشواغل رافضا
غير الإمام الفاضل بن الفاضل
الشيخ ما العينين قطب رحى الورى
غوث الزمان، محط رحل الآمل
غيث العبيد الفائض الغدق السمو
ح الهامع الهامي العميم الهامل
وله رحمه الله مدائح كثيرة في الشيخ ماء العينين.
المصدر: كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 428 -429. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.