الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز حامن

هو سيدي محمد بن عبد العزيز بن ابراهيم الملقب حامني، عالم فقيه ثقة مجاهد و شاعر ولد سنة 1867 ميلادية، عرفه أحمد بن الشمس في كتابه ”  العلامة المشارك الصوفي المجاهد أبو الفتوح الشيخ سيدي محمد بن العلامة القاضي المشارك عبد العزيز بن حامن …و اسمه سيدي أحمد فإنه كان يلازم كتب التصوف مع عمه المشارك الصوفي  الزاهد علما و صفة ابن حامن و كان يطلب شيخ التربية و لما تحقق عنده أمر شيخنا أدام الله عزه أن يربي أتاه و اسلم له نفسه و صلحت أحواله… “

يقول المؤرخ الطالب أخيار  بن الشيخ مامينا في تعريفه :

هو القاضي الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز بن إبراهيم بن سيدي أحمد بن محمد الملقب حامنّي الغلاوي.
كان عالما فقيها، حافظا ثقة ثبتا، مجاهدا، شاعرا. وُلد سنة 1284هـ 1867م. درس العلم أولا على عمه العلامة الشيخ بن حامني في قرية “شنقيط”، حتى فاق أقرانه، ولما تأكد من رسوخ قدم الشيخ ماءالعينين في العلم والتربية، وتيقن من مكانته الربانية، جعل وجهته إليه، وحطّ رحله لديه سنة 1311هـ وبايعه ومكث معه قليلا، فصدره إلى أهله، فلما وصل قرية “شنقيط”، ظهر فيها ظهورا عجيبا، وانقاد له الناس. وبعد مدة قصيرة شعر بحال لم يصبر معه من البقاء بعيدا عن شيخه الشيخ ماء العينين، فعاد أدراجه، ولازمه ما يقرب من ثمانية عشر عاما، وقرأ عليه من العلوم ما لم يكن قرأه على عمه قبل ذلك، فأجازه في القرآن وغيره من العلوم إجازة مطلقة.
رتبه الشيخ ماء العينين كاتبا خاصا، وقلّده خطة القضاء، فكان مثالا للعدل والاستقامة. ولِما شاهده فيه الشيخ من حنكة ورباطة جأش وحزم عيّنه قائدا من قادة ألوية الجهاد الذين كانوا تحت إمرة الشيخ حسنا، عندما زحف الفرنسيون على مناطق “الترارزة” و”البراكنه” و”تكانت”.
يقول الشيخ النعمة: “لما سار (أي سيدي محمد) مع أبنائه الكرام،  جعلوه مقدما على بعض الغزوات، وفتح الله على يديه، فقتل وغنم، وكان بطلا شجاعا مقداما مبارك الرأي، ذا سياسة ومكائد في الحرب” .
ويقول الطالب أخيار ايضا” وجدت بخط نجل صاحب الترجمة مربيه ربه ناقلا من خط والده الشيخ سيدي محمد أن من غزواته: غزوة “دامان” وهي الأولى، وكان هو المقدم عليها؛ (أي قائدها) والثانية غزوة “المينان”؛ والثالثة غزوة “المجريه” وهي غزوة “لتفتارْ” ، التي استشهد فيها أخوه سيدي أحمد…ولم يقتصر جهاد الشيخ سيدي محمد على مقاومة الغزو الفرنسي في بلاد “شنقيط”، بل واصله شمالا في “سوس” و”مراكش”. ذلك أنه بعد وفاة الشيخ ماء العينين سنة 1910م واستخلاف الشيخ أحمد الهيبة لوالده، انخرط في سلك المجاهدين تحت إمرة الشيخ أحمد الهيبة في “مراكش” ومناطق “سوس. عينه الشيخ أحمد الهيبة بعد ذلك على رأس القضاء ، وبعد وفاة الشيخ أحمد الهيبة، أقره الشيخ مربيه ربه في نفس المنصب، طيلة فترته في “أكردوس”.
وعن تعيينه في منصب القضاء وما تحلى به من عدالة ونزاهة يقول الشيخ مربيه ربه في كتابه قرة العينين: ” وكما رتبه شيخنا للقضاء والكتابة، كذلك ابنه البركة الشيخ أحمد الهيبة مدة خلافته، وقد ولاه أيضا لها نبل المرتبة جامع هذه الكرامات، وما ذلك إلا لشدة ورعه، لله الحمد، واحتياطه في الدين، وجعله نصب عينين آية (وان احكم بينهم بما أنزل الله). ومما يشهد على ذلك ما شاهده فيه الخاص والعام، وهو طهارته مما عمت به البلوى في هذا الزمن من أخذ الرشوة على الحكم، حتى أنه لا يقدر أحد من الخصمين أن يتجرأ عليه بذكرها، لما عُلم منه أدام لنا وله التوفيق على ما يرضيه في أقوم طريق“.
ووصفه الشيخ النعمة في الأبحر المعينية قائلا: “العالم الشهير، البدر المنبر، الفقيه الكبير، القاضي الخبير، المدرس النحرير، ذو المزايا الفاخرهْ والمناقب المتظاهرهْ: الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز بن حامني الغلاوي، كان من أكابر مهرة العلماء في كل فنْ، ورؤساء جهابذة الفقهاء المتبعين للسننْ، وهو من أفاضل مريدي شيخنا.. قرأ أولا على عمه الشيخ بن حامني الشهير في مصر “شنجيط” كثيرا من الفنون، حتى برز على جميع معاصريه وفاقهم، وقدمه الشيخ المذكور على جميع أولاده والمتعلمين عليه، ثم تتلمذ عليه (أي الشيخ ماء العينين) وقرأ عليه ما لم يكن قرأ من الفنون ، ودرس ما قرأ. وكان كثيرا ما يقول: سرتُ من قصر “شنجيط” ولا علم لي بأحد فيه يفوقني في فن، فلما أتيت أهل شيخنا وجدتني أنا هو أجهل من عندهم من الناس، فعلمتُ أن من هذا حال من معه من الناس لا ينبغي لعاقل أن يفوته الدخول في زمرته، فدخلتها والحمد لله على ما أعطانا بذلك. رتّبه شيخنا للقضاء وجعله كاتبا وقربه غاية، وسمعته غير ما مرة يثني عليه بكثير من أنواع الثناء، وكان يلقبه بالشيخ، ويقول: إنه يستحق ذلك “.
وكان الشيخ ماء العينين يُثني عليه بالعلم والعمل والصلاح. يقول الشيخ مربيه ربه: سمعتُ شيخنا رضي الله عنه يوما يُفسر لبعض التلاميذ بعض كتب التصوف، وهو في المسجد، يقول: “الولي: عالم عمِل بعلمه، كالشيخ ابن حامني“.
له ديوان شعر، وله أنظام وتقاييد في مجالات مختلفة.


ويضيف الطالب أخيار بن مامينا خاتما ترجمته للعلامة، بكونه يمتلك فتاوى للشيخ سيدي محمد في الجهاد ووجوب الهجرة. و أنه:” كان رحمه الله شديد الدفاع عن جناب شيخه. وله مدائح في جناب الشيخ ماء العينين، ذكر بعضها الشيخ النعمة في كتابة “الأبحر المعينية”.
توفي بمدينة إفني بجنوب المغرب، ليلة الثلاثاء عاشر ذي القعدة عام 1375هـ 19 يونيو 1956م. عقّب ذرية، منهم: محمد فاضل لا عقب له، وماء العينين، والمحفوظ، ومحمد، ومربيه ربه.”


المصدر:

كتاب النفحة الأحمدية لأحمد بن الشمس، الجزء الثاني ص 120.

كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 340-341-342. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

الصور: مقتطفات من قصائد مدح بها الشيخ ماءالعينين و أوردها الشيخ النعمة في كتابه الأبحر المعينية