هو الأمير سيدي أحمد بن أحمد بن سيدي أحمد بن أحمد الملقب بولد عيدَّه بن سيدي أحمد بن عثمان بن الفظيل بن شنّان بن بوبه بن عمني بن آكشار بن آكمتار بن غيلان بن يحيى بن عثمان بن مغفر بن أدي بن حسان الأصغر.
أمه عيشَة بنت أعلي بن أحمد اللبيَّة، تقدم عمود نسبها في ترجمة والدها: أعلي الملقب أغموك.
وُلد في أول رجب عام 1308هـ فبراير 1891م.
توفي عنه والده وهو في الثامنة من العمر، وبعد أيام من موت والده حاول بعضهم اغتياله، فبعثت به والدته إلى حي من أولاد عمني عند “الميلحْ” ب”آدرار”، ثم ارتأى خال أبيه: أحمد بن الناكظ بن البرناوي العمني أن يذهب به إلى الشيخ ماء العينين، حيث يأمن على حياته من الصراعات الدائرة آنذاك في إمارة “آدرار”.
كان سيدي أحمد هذا واسطة عقد أمراء آل يحيى بن عثمان، شهما شجاعا، مقداما عظيم القدر دينا، يحب العلماء ويسامر الأدباء، حاول أن يقضي على الفتن في عهده وينشر الأمن في ربوع إمارة آدرار.
أخذ العلم في مدرسة الشيخ ماء العينين، فحفظ القرآن ودرس النحو واللغة والفقه والسيرة النبوية، وأيام العرب، والتاريخ، فصار متضلعا من مختلف العلوم، ومن كبار الأدباء، يُقرض الشعر الفصيح، إلا أنه اشتهر بالشعر الحساني، وفاق فيه الأقران. وهو في مزاوجته للإمارة والشعر يُشبه إلى حد كبير ابن المعتز العباسي.
وكان الشيخ ماء العينين يوليه عناية خاصة، حيث كان يتفقد أماكن نومه، وطريقة دراسته. وبما أن الأمير سيدي أحمد تِرْب لاثنين من أبناء الشيخ ماء العينين هما: الشيخ مصطافي، ومحمد بوالأنوار، كان الثلاثة مترافقين، دراسة ونوما…
كان الشيخ ماء العينين في بعض الأحيان يتولى تعليمه بنفسه، مما جعله متفوقا في كثير من العلوم.
مكث الأمير سيدي أحمد مع الشيخ ماء العينين ما يقرب من ست سنين، حرص الشيخ خلالها أن يغرس في الأمير القيم والفضائل، ويُعده لجلائل الأمور، وهكذا كان إلى أن جاءه وفد من أولاد غيلان على رأسه سيدي أحمد بن مكي، يلتمسون منه أن يبعث معهم سيدي أحمد ليعلنوه أميرا على “آدرار”، وأنهم سيكونون عند أمره ونهيه. فما كان من الشيخ إلا أن بارك هذا الأمر بعد إسداء كثير من النصح والإرشاد للجميع.
لما عاد الأمير سيدي أحمد بن عيده إلى “آدرار” وتولى مقاليد الحكم وزمام الإمارة هناك، قاد عدة معارك ضارية ضد جحافل الفرنسيين القادمين من الجنوب لإحكام قبضتهم على بلاد “شنقيط”.
وبعد بلائه البلاء الحسن في معارك مشهورة في “تكانت” و “إنشيري” و “آدرار”، أعدَّ خطة محكمة لقطع طرق التموين على القوات الفرنسية ومهاجمتها انطلاقا من شمالي “تكانت” وبالضبط في “تيشيت” التي اتخذها قاعدة مؤقتة له. فما كان من الفرنسيين إلا أن أعدوا قوة ضخمة للقضاء عليه. فاشتبك معها في قتال شرس انتهى بسقوطه جريحا في ساحة المعركة وأسره في “تيشيت” سنة 1912م. نُقل إثر ذلك إلى مدينة “سان لوي” بالسنغال حيث تم سجنه، وفي مدة سجنه راودوه على التخلي عن المقاومة ومهادنة الاحتلال الفرنسي مقابل وعود وعروض سخية، لم تكن لتنال من عزيمة الأمير الجريح السجين. وبعد مدة عاد لإمارته في “آدرار” في شهر أبريل سنة 1913م.
لم يهادن الأمير الفرنسيين، بل ظل يناوئهم ويُضمر لهم العداء ويختلف معهم إلى أن هاجر واستشهد يقاتلهم في معركة “وديان الخروب” سنة 1932م. كما سيأتي مفصلا في الجزء الثاني.
عقب من الأبناء: أحمد، ومحمد، وسيدي أحمد، وفاطمة والغالية ولاله.
المصدر: كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 330-331. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية