كتبوا عن الشيخ: لطيفة الكندوز الطباعة و النشر بالمغرب (1865-1956)

في خضم حديثها عن تاريخ الطباعة و النشر في المغرب، خاصة في بدايات دخولها، وانتشارها و ماكان لها من دور سياسي و علمي، ذكرت المؤلفة اسم الشيخ ماءالعينين في صفحات و مواقف عدة، فاقترن اسمه و مؤلفاته كأول انتاجات بعض المطابع التي استحدثت في مدن المغرب الكبرى و باشرت بطبع كثير من مؤلفاته التي لاقت انتشارا بالمغرب حينها.

تقول المؤلفة في كتابها:

“فإن مؤلفات ماء العينين بفضل آلة الطباعة عرفت انتشارا واسعا في بقية أنحاء المغرب، مما دعم مكانته الدينية وزاد من نفوذه، وأكسبه شهرة واسعة مكنته من التحول إلى شخصية تحظى بشعبية كبيرة جاوزت تخوم الصحراء وعمت كل البلاد لتصل حتى خارج المغرب. وبفضل هذه الشهرة وبفضل دعم المخزن ومؤازرته، تمكن ماء العينين من توحيد سكان الصحراء وجعلهم جبهة موحدة للدفاع عن الأطراف الجنوبية من البلاد ضد محاولات الأوربيين التوسعية مما ساعد على إيقاف تقدم الفرنسيين لاحتلال النواحي الصحراوية مدة من الزمن. 

ولقد أصبح ماء العينين منذ ذلك الحين عنصراً محركاً لآلة الطباعة، حيث تمكن بواسطتها من نشر أفكاره التي صادفت النجاح الكبير والقبول من طرف زعماء العديد من الطرق، نذكر من ذلك نداءه إلى جميع الطرق الصوفية، يدعوهم فيه إلى توحيد الهدف والمصدر ، وجمع الصف ونبذ الخلافات الطرقية، انطلاقا من روح الإسلام الوحدوية ومن واقع المغرب خلال هذه الفترة التي تتطلب توحيد الكلمة لمواجهة الاستعمار. وقد عبر عن ذلك بقوله :

ان مخاو لجميع الطرق** إخوة الإيمان عند المتقى

ولا أفـــــــرق للأولياء**كمن لا يفرق للأنبياء

قال تعالى المؤمنون أخوة **وعدم التفريق فيهم أسوة 

 وقد لقي نداؤه هذا استحساناً وقبولاً من طرف زعماء بعض الطرق، خصوصاً الكتانيين الذين شاطروه الرأي، وساهموا في نشر أفكاره ومبادئه السياسية، بإشرافهم المباشر على نشر كتبه التي وصل عددها إلى ما يربو على الخمسين عنواناً، قضى كل من عبد الرحمان وجعفر الكتاني سنوات عديدة من حياتهم في نسخها وتصحيحها وتحضيرها للنشر.

وقد وجد الكتائيون في ماء العينين دعماً لأفكارهم وتقوية المصالحهم الداخلية. ولتوجهاتهم السياسية المتمثلة في عدائهم لأوربا، ومقاومتهم لنفوذها عن طريق نشرهم لأفكار الجامعة الإسلامية)،ومطالبتهم بالتعاون مع العثمانيين، والاعتماد على الخبراء المسلمين في تخطيط المشاريع الإصلاحية وتطبيقها بالمغرب، بدل التوجه إلى أوربا التي أصبح نفوذها يتنامي آنذاك بالمغرب. 

وقد شاركهم ماء العينين الرأي من خلال كتاباته التي كانت تصور الأفكار والآمال التي تتعلق بمصير البلاد ومستقبلها، داعياً فيها إلى توحيد المغاربة ضد الأوربيين وتضامنهم مع بلدان العالم الإسلامي. وظهر هذا جلياً في مؤلفه “مبصر التشوف”، الذي امتدح فيه السلاطين العثمانيين وأثنى على جهودهم لنصرة الإسلام، ومحاربتهم الكفار الفرنسيين والأنجليز.”


 لطيفة الكندوز ، الطباعة و النشر بالمغرب (1865-1956)،ص 201-202، دار أبي رقراق للطباعة و النشر.