الشيخ حسن بن الشيخ ماءالعينين الزاهد المجاهد


لا يمكن الحديث عن المقاومة المسلحة ضد التوغل الفرنسي في موريتانيا و الجنوب المغربي دون ذكر الشيخ حسن بن الشيخ ماءالعينين، خاصة المرحلة الممتدة ما بين 1905 و 1909 ميلادية، فالشيخ منذ أن أرسله والده إلى موريتانيا لعب دورا جهاديا، جمع فيه بين الدعوة و التنسيق و القيادة الميدانية، فشغل المستعمر واقترن اسمه باسم والده في الوثائق  الفرنسية المتعلقة بمجريات تلك الفترة.

ولد الشيخ حسن غرة ربيع الأول من سنة 1283 للهجرة ( الموافق لسنة 1866 ميلادية)[1]، وهو الرابع من أبناء الشيخ ماءالعينين، والدته مليكة بنت سيدي امحمد بن الدرجة اللبية.

نشأ الشيخ في كنف والده و تعلم في مدرسته، يقول ماءالعينين بن الحضرمي في كتابه إفادة الأقربين معرفا به و بخصاله :” نشأ في عفاف و صيانة و تواضع و ديانة و قرأ القران و أخذ على أبيه في قراءة العلوم و جاهد أشد المجاهدة في علم الظاهر و الباطن و حمل نفسه في طاعة الله ما تكره و لم يزل معتكفا على ما أراده منه أبوه حتى صدره و أعطاه تاجه و عمامته و سار ففتح الله عليه و كثرت مواريده و أتباعه و انتفعوا منه غاية و أقبلت الناس عليه بالهدايا و الانقياد و صدر كثيرا من المواريد فيهم العلماء و الشعراء و مدحوه بمدائح كثيرة حسنة و فتح الله عليهم من بركته و كان في غاية التواضع مع شيخنا حتى أنه لا يلبس اللثام و لا السروايل معه و لا يتملك معه شيء أي شيء إلا وهداه له و ربما أهدى له خيمته بما فيها و يبقى بلا بناء مع عياله و مع ذلك فتوحاته تتزايد له بلا انقطاع ما شاء الله و أرسله أبوه نائبا عنه إلى أشياخ العرب و الزوايا التي في الصحاري البعيدة من شنجيط فتلقوه بالترحيب و التبجيل و الهدايا الكثيرة من كل نوع خيلا و إبلا و عبيدا و غير ذلك و أخبرني الفقيه المجاهد القاضي الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز أن الشيخ حسن رجل أخروي لا غرض له في الدنيا[2]

أورد ماءالعينين بن الشيخ الحضرمي متناولا تعريف الشيخ حسن، شهادات كل من الشيخ أحمد بن الشمس الحاجي الذي قال عنه : ”  أبو الفيوضات أبو المكاشفات و المجاهدات أبو الفتوح شيخ التربية المجاهد هو الشيخ سيدي محمد الحسن الملقب الشيخ حسن“، و الشيخ النعمة الذي وصفه  فقال ” كان إماما عادل و قدوة فاضلا و شيخا شهيرا بالتربية و التدريس للعلوم الشرعية شيدي المجاهدة في الله، دائم الرياضة، شديد الورع و التقوى…..” [3]

اجتمعت في الشيخ حسن من  الدراية السياسية مع مكارم الأخلاق و المعرفة الشرعية و التربوية و حسن التدبير و المعاملة، ما أهله ليكون مبعوث والده حين عيّنه على رأس الحملة الجهادية التي تصدت للفرنسيين إبّان زحفهم على منطقة الترارزة.  فقاد جل المعارك الجهادية ضد القوات الفرنسية الزاحفة من الجنوب[4].
يقول ابن العتيق: “وكان رضي الله عنه جل سكناه بعد تصدير أبيه إياه أرضَ “آدرار” وما قاربها من “تيرس”، وظهر فيها ظهور القمرين، وسار بسيرة العمرين، وكثرت أتباعه فيها عربا وزوايا، وبذلوا له أنفسهم وأموالهم، وامتدحوه بالأشعار الرائقة والخطب الفائقة، لا سيما قبيلة بني حسن، فقد نالوا منه الحظ الأوفر لكثرة الوارد منهم والصادر.”[5]

ظل الشيخ حسن في تلك البلاد مجاهدا حتى  دخول الفرنسيين آدرار سنة 1909 للميلاد. فلما انتقل الشيخ ماءالعينين من السمارة شمالا، سيره نحو فاس، و استقر فيها حتى وفاته، وفي ذلك يقول ماءالعينين بن العتيق: ” ولما ارتحل شيخنا من “الصمارة” سيره رضي الله عنه لزاويته في مدينة فاس، فاقبل على تلاوة كتاب الله تعالى والتدبر في معانيه، والتفرغ له آناء الليل وأطراف النهار، ففتح الله عليه في معانيه وأسراره فتحا عجيبا “.[6] و في مكوثه بفاس يقول ماءالعينين بن الحضرمي  أيضا ” و لم يزل مشتغلا بعبادة ربه مصرفا للأموال على المستحقين مدرسا للعلم مربيا للمواريد بزاوية أبيه بفاس حتى توفي رضي الله عنه وعنا عاشر شوال 1334″.  [7]

توفي إذا الشيخ حسن بفاس سنة 1916 للميلاد، يقول ابن العتيق: ” فأما الشيخ حسن، فقد سافر عن حضرته، وكان بيتنا إذ ذاك فيها و في بوادي درعة من مقابلة قرى طاطا عام 1333 ثلاثة و ثلاثين ثلاثمائة وألف، فودعنا رضي الله عنه، و سافر بنية الحج، و أتى على طريق الجبل إلى مراكش، فأحسن إليه الجلاويون غاية و أكرموه حتى وصل رئيسهم الحاج التهامي باشا مراكش في مراكش، ففعل معه من الإجلال ما لا يوصف، وتكفل له أن يتولى شؤون حجه هو و من شاء معه، و أن يبذل له ما يقوم بمؤن ذلك كله، فسار بتلك الصفة على العزيمة، حتى وصل فاس، فأراد الله أن صادف مجيئه له طرو الحرب الكبرى التي وقعت في ذلك التاريخ بين الأجانب فانسدت طريق الحج. فتربص رضي الله عنه بفاس نازلا في زاوية والده شيخنا ماء العينين ينتظر تيسير الطريق حتى مرض وتوفي رضي الله عنه عاشر شوال 1334هـ  ( 1916 ميلادية)”[8].
ودفن بزاوية أبيه . عقَّب من الأولاد:

مليكة، العالية الملقبة الريم ( توفيت 1364 ه)،الشيخ ماء العينين ( ولد عام 1312 ه و توفي 8 ذي القعدة 1396ه)، اخديجتنا، السعد ( توفي 1411 للهجرة)، محمد الأمين الشبيه، وسيدي عثمان ( الملقب سيدي بوي ولد عام 1326 ه و توفي 25 ربيع النبوي عام 1392ه)، أمهم: سعدان بنت الشيخ سعد أبيه بن الشيخ محمد فاضل بن مامين( توفيت 1333ه) ؛ ومحمد فاضل أمه أم ولد.[9]

جهاد الشيخ حسن:

بدأ الاحتلال الفرنسي الفعلي لبلاد موريتانيا سنة 1902، بالتوغل في بلاد الترارزة، ثم احتلال البراكنة و تكانت ما بين   1903 و 1905، ثم التقدم شمالا نحو آدرار.

لم يكن  الشيخ ماءالعينين  ببعيد عن هذه التطورات، فاستشعر مدى خطورتها على البلاد و المنطقة، فعمل على تأطير القبائل و الزعماء المحليين و حثهم على الجهاد و رفض التعامل مع المحتل، وتواصل مع السلطان لطلب الدعم، و أرسل الرسائل و أوفد مبعوثين له من أبنائه إلى تلك القبائل و  إلى الأمراء في شأن التقدم الفرنسي و صده، كالشيخ حسن ( أرسله للصلح بين مجموعتين من قبيلة ادوعيش سبتمر 1906)[10] و الشيخ الطالب أخيار( رسالتين إلى كل من تنواجيو و ادوعيش) و الشيخ الولي.

رصد المستعمر الدور الذي يقوم به الشيخ ماءالعينين و تحركات ابنه الشيخ حسن، و تواصله مع القبائل المناوئة للتوغل العسكري في المنطقة، من أجل توزيع السلاح و الذخيرة، إذ ” لاحظ الفرنسيون في ” سان لويس”، نشاط الشيخ حسنا في اقليم تكانت، حيث علموا بواسطة مخبريهم بقدومه على الاقليم. و يستشف من الرسالة المؤرخة ب 9 نوفمبر 1906م التي بعث بها القائم مقام الوالي العام لافريقيا الغربية الى وزير المستعمرات استشعارهم لخطورة  وجوده في الناحية حيث جاء فيها : ” لقد أخبرتكم من قبل بوجود ولد الشيخ ماءالعينين، اسمه حسانة بايدا وعيشة يوزع السلاح و الذخيرة و قد ازداد الأمر استفحالا منذ ذلك الوقت[11]. أو من  أجل الاستمرار في المقاومة كما قال الرائد و أضاف جيليه ” إن محمد المختار استجاب لنداء كوبولاني فجاء للتباحث معه، و لكن سبق أن أشرب نفوذ عدونا العنيد مرابط السمارة ماءالعينين، فابنه الشيخ حسنا لدى ادوعيش يدعو للمقاومة حتى النهاية .” [12]

يظهر الدور الطلائعي للشيخ حسن مع وصول حملة الشريف مولاي ادريس التي انطلقت من الصمارة سنة 1906، يقول  النقيب غاستون دوفور ” كانت الأحداث البارزة خلال سنة 1906 هي تحشد المنشقين في آدرار ووصول الشريف  ادريس إلى هذه المنطقة مبعوثا من سلطان المغرب و محاولته الاستيلاء على بلاد البيظان …” إلى أن يقول واصفا دور مبعوثي الشيخ ماءالعينين في عملية الحشد ضد المستعمر: ” منذ السنة المنصرمة، كانت القبائل محل دعاية خفية من مبعوثي ماءالعينين الذين جابوا أحياء تكانت و ارقيبة و الحوظ و حتى الاحياء المنظمة اداريا الموجودة في مناطق الترارزة…”[13]

خروج الحملة تزامن مع تواجد الشيخ حسن بآدرار، وقد بعث له الشيخ ماءالعينين برسالة مؤرخة بتاريخ 15 أبريل 1906 يخبره بخروج الحملة، جاء فيها:” …ها نحن لما جاءنا أخوك الطالب أخيار، ومن معه من المسلمين،فعلنا معهم ما اقتضاه الحال، مما أمكن…و جاءوا يريدون العدة… ولابد من مساعفة هذا من المسلمين على مرادهم، ولعل الله يبلغ لهم به المراد، ويبلغ لكم أنتم المراد، بخروج النصارى عن البلاد. و ها أنا أرسلتهم لمن هناك من المسلمين و لا يخالفون خليفة السلطان فيما أراد و هو يرسل للنصارى أنهم يخرجون عن بلادهم…فإن لم يخرجوا، فإن المسلمين يدافعون عن بلادهم، وما ضاع منهم فهو هدر . و ما ضاع من المسلمين يغرمونه، ولابد من بيت مال يجعلونه للمخزن يكون لمصالح الجهاد…وعليكم أنتم باتفاق الكلمة و لا تنازعوا و تعاونوا على البر و التقوى 18 صفر 1324 عبيد ربه ماءالعينين بن شيخه محمد فاضل[14]

رسالة  أخرى  من Milliès-Lacroix وزير المستعمرات، إلى وزير الخارجية مؤرخة بتاريخ 23 نوفمبر 1906، تصف الحملة و دور الشيخ حسن، وننقل منها بتصرف قوله “ كنت قد نبهتكم إلى حضور إبن الشيخ ماء العينين، المسمى حسّنَّه، عند إدوعيش، وأنه يوزع هناك أسلحة وذخائر. ومنذ ذلك التاريخ أصبح التأجيج أنشط. الوكيل الأساسي المتكفل بهذا التأجيج يُدعى مولاي إدريس ولد مولاي عبد الرحمن ولد مولاي سليمان، إبن عم سلطان المغرب، ويَـدّعي أنه مبعوث من طرفه…… وقد أعلن مولاي إدريس أنه جاء ليحكم البلاد، وأنه، باسم السلطان، جاء ليطالب بملك الأرض (الموريتانية) حتى النهر ….في بداية سبتمبر 1906 أخبرني المفوض العام للحكومة الفرنسية في موريتانيا أن المعلومات الواردة إليه تؤكد أن سيدي المختار، زعيم أهل سيدي محمود، هو الوسيط بين وكلاء المغرب وقبائل البيظان، …….جمع الشريف مولاي إدريس 500 محارب من ضمنهم 100 من سكان الحوض خاصة لغلال ومشظوف…… فيما يتضاعف عدد البيظان (المناوئين للوجود الفرنسي) حول المركز، فنجاح الشريف والأمل في عمليات النهب، أمور شجعت الكثير من السكان على الالتحاق بضواحي المركز….” [15]

حققت حملة مولاي ادريس تقدما نوعيا ضد المحتل الفرنسي، خاصة انتصارها في معركة النيملان 5 نونبر 1906 ميلادية، والتي شارك فيها من أبناء الشيخ ماءالعينين: الشيخ حسن و الشيخ الولي و الشيخ الطالب أخيار، إلى جانب عديد من من تلامذة الشيخ ماءالعينين و مريديه و أعيان القبائل و أمرائها.[16]

اتجه المجاهدون بعدها إلى مدينة تجكجة، فرأى الشريف مولاي ادريس أن يهاجمها بينما كان رأي المجاهدين من زعامات المنطقة أن تحاصر المدينة، وكان الشيخ حسن من بينهم[17]، غير أنه بعد أسبوع من الحصار أمر مولاي إدريس المجاهدين بالهجوم على المدينة، هجوم كان له الوقع السلبي، فتراجع المهاجمون بعد انكسارهم، وكانت المعركة نقطة فاصلة في حركة الشريف.

بعد حصار تجكجة، وانقسام الحملة، بعث الشيخ حسن كوكبة من المجاهدين رافقت مولاي ادريس حتى وصل مكرما معززا  إلى ” السمارة” التي غادرها إلى مراكش[18]. لكن ذلك لم يمنع المقاومة من مواصلة ضرباتها الموجعة ضد القوات الفرنسية، ومنها مثلا الهجوم على الحامية الفرنسية في ” خروفة” يونيو 1907 ميلادية ، بعد وصول تعزيزات سلاح من قبل الشيخ ماءالعينين، حيث ” انطلقت المجموعة التي يبلغ عددها ستة و ثلاثين رجلا من موضع ” السودة” جنوب “شوم” حيث يوجد الشيخ حسنا الذي زودهم ببعض السلاح المرسل من قبل الشيخ ماءالعينين، و أوصاهم باخراج الخمس و أن لا يتعرضوا لأحد من المسلمين إلا من اعترض سبيلهم“.[19]

استمر الشيخ حسن و المجاهدين في عملياتهم ضد الغزو الفرنسي، فشهدت سنة 1908 أحداثا و معارك بطولية. سنة موجعة يقول عنها النقيب غاستون دوفر ” هذه أكثر فترات احتلالنا ضررا لنا، لما تكبدناه خلالها من خسائر كثيرة و مؤلمة. و رغم أن الشهرين الأولين من السنة مضيا بهدوء إلا أن عودة السفارة من المغرب إلى آدرار مزودة بأسلحة سريعة الرمي ترافقها عصابة من تلاميذ الشيخ ماءالعينين، قد بدلت تماما الحالة السياسية و العسكرية.

تولى الشيخ حسن ابن شيخ الساقية الحمراء القيادة الفعلية للصراع فأظهر ذكاء و عنادا غير عاديين. و بينما كانت غزيان لا تحصى تجوب المناطق التي نحتلها و تجهد في الاستيلاء على كل دواب الحمل، كانت مجموعات مؤلفة أساسا من التلاميذ تهاجم مفارزنا. و بفضل تسليحهم و الانضباط الذي يفرضونه على لأنفسهم و كذلك –ولنقلها- بفضل  شجاعتهم الحقيقية، نجحوا في أن يسببوا لنا إخفاقات دامية.”[20]

ثم يحصي النقيب في كتابه هذه الأحداث تحت عنوان ” هجوم التلاميذ و قبائل أدرار و المنشقين على: أم لعويتقات-الليه-يغرف-اعكيله الرقبه-دمان-اكجوجت-امخيزات تمادى-قافلة Berger – رتل النقيب افريرجان- فصيل Solere- – لكويشيشي- انواذيبو-المينان-تالمست-ارزراك و الرشيد-العزلات- لتفتار- خط التلغراف.”[21]، و المقصود بالتلاميذ المجاهدين ممن تربطهم مع الشيخ ماءالعينين آصرة روحية ” التلمذة”[22].

من بين هذه العمليات، نتوقف عند معركة اكجوجت حيث يقول سعد خليل: ” هذا يؤكد أن إخلاء موقع ” اكجوجت” جاء قسرا تحت ضغط المقاومة، وليس طوعا…ويدل على حجم القوة التي استخدمها افريرجان في انقاذ الموقع خلال شهر سبتمبر 1908 على مدى خطورة المقاومة التي قادها الشيخ حسن و رجاله بمهارة كبيرة[23]

كما أظهرت معركة ” أماطيل”، الحنكة التي أدار بها الشيخ حسن المعركة من خلال خطة  شملت هدفين الهجوم على القافلة الادارية و إبادة حراسها و تجريد الحملة من دوابها و تموناتها و احتياجاتها، و في نفس الوقت إيقاف مجموعة افريرجان  العسكرية و شغلها بالاشتباك، و كادت الخطة أن تنجح لولا أن تركيز الهجوم على آماطيل لم يكن بالدرجة الكافية.[24]

تعززت  القوات الفرنسية بوصول قوات العقيد غورو ، حيث اجتمعت لتتقدم بعد معركة آماطيل في اتجاه أطار، فاصطدمت بالمقاومة في معركة “حمدون” الثامن من  يناير 1909، يتحدث النقيب غاستوف عن الواقعة فيقول” غادر الرتل أماطيل بعد ظهر السابع من يناير و عسكر في المساء عند مدخل الهضبة المشرفة على مضايق حمدون.

في صبيحة اليوم التالي، أخرج نسق القتال تحت إمرة الرائد اكلوديل و المتكون…..لم يبد أعداؤنا إلا مقاومة ضعيفة بعد أن ثبطت الصولات الفاشلة التي قاموا بها في أماطيل هممهم. جرح الملازم الأول Letang  وقتل أحد الرماة.

أما الشيخ حسنه، الذي شهد المعركة، فقد رجع طريق الشمال معلنا أنه ذاهب لطلب تعزيزات من والده و حتى من السلطان إذا لزم الأمر.”[25]

بعد هذه المعركة انسحب الشيخ حسن شمالا، منهيا سنوات من مشاركته في المقاومة ضد المستعمر في تلك البلاد، أدارها بحنكة و شغل فيها المستعمر الفرنسي كما أسلفنا الذكر، فقد كان اسمه يتكرر في مراسلات كثيرةو وثائق فرنسية عديدة ، نعتته بالمحرض للقتال و صلة وصل بين المقاومة المحلية و والده، حتى بات بعضها  يتحدث عن كونه الخليفة المحتمل للشيخ ماءالعينين.[26]

في  أواخر سنة  1909 خرج الشيخ ماءالعينين من السمارة متوجها إلى تزنيت، وفي  طريقه  سير ابنه الشيخ حسن نحو زاويته بفاس، فعمرها و “أقبل رضي الله عنه ءاخر دهره على تلاوة القرءان و ملازمته ففتح الله عليه غاية الفتح في تفسيره و اظهار معانيه و لم يزل مشتغلا بعبادة ربه مصرفا الأموال على المستحقين مدرسا للعلم مربيا للمواريد لزاوية أبيه بفاس حتى توفي رضي الله عنه و عنا عاشر شوال 1334[27]

كتب للشيخ أن يتوفى و هو على نية الحج، بعد مسيرة حافلة من الأعمال الجليلة، جمع فيها بين السياسة و الجهاد و التربية و التدريس و الخلوة، رغم قصرها ( عاش الشيخ تقريبا 51 سنة)، و يمكن تقسيمها إلى ثلاث مراحل: من ميلاده إلى سنة 1905، من 1905 إلى 1909، ثم ما بعد وفاة والده، والتي هي حقيقة فترة تحتاج مزيدا من  الدراسة، خاصة و أنها شهدت تطورات و تحولات مهمة في الحركة  المعينية سياسيا و جهاديا.

بقلم ماءالعينين بوية


[1] سحر البيان في مناقب الشيخ ماءالعينين الحسان، ماءالعينين بن العتيق ص 104

[2] إفادة الأقربين في التعريف بذرية شيخنا الشيخ ماء العينين”، ماء العينين بن الحضرام، مخطوط،، مكتبة الأستاذ ماء العينين علي ابن الشيخ مربيه ربه، تيزنيت،  ص 19.

[3] نفس المصدر ص 20

[4] كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، الطبعة الثانية ص 501-502. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[5] مخطوط سحر البيان ، ماءالعينين بن العتيق ص 105

[6] مخطوط سحر البيان ، ماءالعينين بن العتيق ص 105

[7]  افادة الأقربين، ص 20

[8]  الرحلة المعينية، ماءالعينين بن العتيق، ص 252.

[9] انظر اثبات علماء الصحراء على ما للنسب من محاسن غراء، مربيه بن الشيخ سيدي محمد بن عبد العزيز حامن، من الصفحة 32 إلى 39 و كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الأول، ص 502.

[10] كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 236. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[11] محمد المنوني – مظاهر يقظة المغرب الحديث ،ج2،  ص 184

[12]  كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 188. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[13] تاريخ العمليات  العسكرية في موريتانيا  ق17 -1920، النقيب غاستون دوفور، ص 93

[14] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 243. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[15]  مقال “وزير المستعمرات الفرنسي يكتب عن الوضع في تكانت سنة 1906″،  صحيفة نواكشوط الكترونية، http://nouakchot.com/?core=content&id=6666

[16] كتاب الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 257. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[17]  أورد المؤرخ الطالب أخيار تفاصيل هذه الحادثة، نفس المصدر ص 258 و 259.

[18] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 264. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[19] نفس المصدرن ص271.

[20] تاريخ العمليات  العسكرية في موريتانيا  ق17 -1920، النقيب غاستون دوفور، ص 107 و 108

[21] نفس المصدر ص 108

[22] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 8. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[23] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 322. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[24] الشيخ ماء العينين علماء وأمراء في مواجهة الاستعمار الأوروبي؛ الجزء الثاني، الطبعة الثانية ص 354. تأليف: الطالب أخيار بن الشيخ مامينا؛ منشورات مؤسسة الشيخ مربيه ربه لإحياء التراث والتنمية.

[25] تاريخ العمليات  العسكرية في موريتانيا  ق17 -1920، النقيب غاستون دوفور، ص 133

[26] تقرير من أرشيف مجلة Correspondance_d’Orient عن وفاة الشيخ ماءالعينين، موقع الشيخ ماءالعينين، خبر آخر بمجلةJournal des débats politiques et littéraires عدد 308  بتاريخ 1910-11-06

[27]  افادة الأقربين، الشيخ ماءالعينين بن الحضرمي، ص20