الشيخ ماءالعينين و عيد الفطر

ربط الشيخ ماءالعينين عمله بالشريعة والاقتداء بكتاب الله و سنة نبيه،ثم عمل الصحابة و التابعين، فصلاته و صيامه و زكاته، وتربيته، وكل كما كتب و ذكر عديد المرات مؤطر بذلك تعليما و تعلما، يقول في تقييده فاتق الرتق:” “...(واعلم) أن أشرف العلوم وأجلها وأكثرها نفعا وأفضلها كتاب الله القرآن العظيم، ويتلوه حديث نبيه الكريم صلى الله عليه وسلم مع أزكى التسليم وما يعربان به، والفقه في الدين ثم ما من علم يكون وسيلة للقرب من الله إلا وهو داخل في ذلك الحث على التعليم“.(1)

يرى الشيخ أن المنافسة و التسابق نحو العمل بالطاعات و العبادات، مما أوجبه الله من أفضال و نعم، قد تكون من باب الوجوب،ليقول  “... المنافسة قد تكون واجبة ومندوبة و مباحة.
أمَّا الواجبة، فكما إذا كانت تلك النعمة نعمة دينية واجبة كالإيمان والصلاة والزكاة، فها هنا بجب عليهأن يحبَّ أن يكون له مثل ذلك، لأنّه إن لم يحب ذلك، كان راضيا بالمعصية، وذلك حرام”. (2)

و كأي مسلم يرى في العبادة تشريف، ينتقل بها من مقام العمل اليدوي، إلى الاحتفاء بها، يجد الشيخ ماءالعينين في شعيرة عيد الفطر، وما يحمله من دلالات تعبدية و اجتماعية، تجمع بين الحمد و الشكر و التطوع و الزكاة…مناسبة لاضفاء طابع التربية الاسلامية بحمولتها الانسانية، فبعد الصلاة، وغير فريضة الزكاة، يزيد الشيخ بالنظر في فرحة الكبار و الصغار، من خلال الكسوة و المأكل…إلى غير ذلك من صنوف الاحتفال و الفرح بالعيد.

يقول الشيخ ماءالعينين محتفيا بعيد الفطر:

فربِّ كما رزقتني هذا الطعامْ
فاجعلْ لي الفِطرَ يفوق ذا الصيامْ
واغفرْ ليَ الذنوبَ كلاً و الآثامْ
إنك ذو فضلٍ على كلِّ الأنام (3)

جاء في كتاب الفواكه للشيخ النعمة بن الشيخ ماءالعينين بخصوص احتفال الشيخ ماءالعينين و عمله في عيد الفطر:

وإذا كان يوم الفطر،بعد طلوع الفجر وقبل الصلاة،أمر بإخراج زكاة الفطر،فتخرج ثم يصلي الصبح على عادته ويجلس في مصلاه حتى تطلع الشمس،ويصلي الضحى على العادة،ثم يدخل بيته ويأمر بكسوة صبيانه وصبيان قربآئه ومن معه فيكسون،وأما كبار العيال فأكثر أحواله إخراج كسوتهم قبل يوم الفطر بيوم أو يومين،فإذا ارتفع النهار تجمل وتطيب ثم خرج إلى المصلى يكبر ويأمر المواريد بكثرة التكبير ورفع أصواتهم به،فإذا كان المصلى قريبا لم يركب إليه وإذا كان بعيدا ركب ثم أتاه وجلس مستقبلا الناس بوجهه ثم يأمرهم بالتكبير أيضا ورفع أصواتهم به،ثم يأمر مناديا فينادي في الناس يذكرهم بأحوال الآخرة ويأمرهم بالصدقة فيكثر البكاء والنحيب ويتصدقوا كل على قدره ويتصدق هو،وأغلب أحواله أن يقول للمنادي قل هذه ناقة وشاة وبيصة (4) رفقا بالناس وعدم مباهات(5) وتواضعا وأما هو فقادر على أن يتصدق بكذا وكذا ،لكنه يختار صدقة السر ولا يزهد في صدقة الجهر ،ثم يقوم ويصلي ويقرأ في الركعة الأولى بعد الفاتحة سورة “الأعلى” وفي الثانية سورة”الشمس” بعد الفاتحة أيضا….فإذا سلم أتته الناس تزوره وتسأله الدعاء فيكثر الدعاء لها لاسيما بالمغفرة ….”(6)


(3)ديوان الشيخ ماء العينين، الصفحة 282، الطبعة الحجرية.

(4) بيصة: كلمة حسانية، وهي وحدة لقياس الثوب، البيصة الواحدة تقدر بعدة أمتار ( يحددها البعض في ثلاثين مترا)

(5) مباهات: كما جاءت في المخطوط: القصد مباهاة

(6) كتاب الفواكه للشيخ النعمة ،الصفحات 481-482