قراءة في أبيات للشيخ ماءالعينين عن طبائع الانسان و علاقتها بطبيعة الفصول

يقول الشيخ ماء العينين بن الشيخ محمد فاضل بن مامين تغمدهم الله برحمته : 

إن الطبائع يقال أربعه** فخذ لها هنا لكي تنتفعه.

حرارة رطوبة يبوسه** برودة فانفع منها النفوسه.

وكل ثنتين لفصل طبع** وطبع أسنان لإنس نفع.

حرارة رطوبة طبع الربيع ** وطبع صبيان من الإنس البديع.

يبوسة حرارة طبيعه** للصيف والشبان كن رفيعه.

رطوبة برودة طبع  الخريف** وللكهولية طبع يا ظريف.

برودة يبوسة طبع الشتاء** كذا طبيعة الشيوخة انتهاء.

الوثقة من مكتبة الأستاذ مربيه بن سيدي محمد-وجان

بداية فإن المراد من النظم للمعارف والمعلومات المهمة هو تيسير حفظها لمتلقيها وحتى  لقائلها. وسنحاول  في هذه القراءة فك تراكيب هذه الأبيات  وبسط معانيها.

يهدي لنا الشيخ ماء العينين رحمه الله حصيلة من واقع التجربة الإنسانية ؛  تفيد بوجود وجه مجانسة بين طبيعة كل فصل من الفصول الأربعة – ربيعا وصيفا وخريفا وشتاء –  مع طبيعة الإنسان في سن معينة (السن تجمع على أسنان)

 والطبائع الأربعة هي: 

 ١- الحرارة وتشمل في دلالاتها الاندفاع والحماس.

٢-  البرودة وهي عكس لمعنى الحرارة فلا تدل على الحماس بل على غلبة التريث والتأني وعدم الاندفاع .

٣- الرطوبة ومن دلالتها  المرونة وقابلية الذهن للتشكل وتغيير الفهم  .

٤- اليبوسة وهي عكس الرطوبة  وتدل على انعدام  المرونة. 

و يختص كل فصل بطبيعتين من الطبائع الأربعة،

فالربيع يتصف بالحرارة  وبالرطوبة؛ وبهاتين الطبيعتين يتصف الصبي من حماس وأيضا من مرونة وقابلية للتغير .

أما فصل الصيف فيتصف باليبوسة والحرارة؛  وكذلك طبع الشاب الذي تغلب عليه الحماسة وصعوبة تغيير  الأفكار والمواقف.

ويتصف فصل الخريف بالرطوبة وبالبرودة ويقابله من السن الكهولة ويقال أيضا الكهولية؛ ويغيب عن صاحبها وصف الاندفاع كما تثمر له التجربة فهما أرحب . 

وأخيرا فصل الشتاء والذي يتصف بالبرودة وباليبوسة؛ ويقابله من السن الشيوخة أو الشيخوخة ويتصف صاحبها بانطفاء جذوة الحماسة   وبغياب المرونة .

وسبحان الله الحكيم في صنعه ؛ فهذه المجانسة بين فصول حياة الانسان وفصول السنة؛ تنبهنا الى الدوافع الكامنة من وراء الكثير من تصرفاتنا ، كما أنها تمنحنا فهما اكثر لتصرفات الآخرين ، وتوقع ردود أفعالهم  والقدرة على التعامل معهم والتأثير فيهم ؛ ولعله ما عناه الشيخ رحمه الله بكلمتي الانتفاع و النفع المذكورتين  في النظم.   ونلاحظ أن الانتفاع  في معناه اقتصار على النفس؛ بينما النفع  يتعدى ويصل  للآخرين . 

هذا والحمد لله ولي كل نعمة ومنه التوفيق وعليه التكلان .

بقلم: د. الشيخ ماء العينين سيد هيبة