مقالة في الإخلاص والعدل عند الشيخ ماءالعينين


وجه الشيخ ماءالعينين رسالة دعوية وتربوية خصها للمربي كما للمريد، مقتنعا بأهمية الفعل التربوي، لأن أساس التصوف التربية والتخلق بالخلق الفضيل.

اهتم الشيخ بمفهوم الصحبة حتى أنه قسمها إلى صحبة الأحداث وصحبة الأشياخ وصحبة الأخيار، مفضلا الثالثة عن الثانية وهكذا .
كان رحمه الله تعالى ملما بالجوانب النفسية للمربي والمريد، موجها خطابه للمتعلم والأستاذ في حضرته، فما أساس أدب التربية عند الشيخ ماءالعينين؟
سؤال نجد جوابا له من خلال الغوص في مفاهيم تربوية أبدعها شيخ المدرسة الفاضلية، فقد تمكن الشيخ من وضع أسس تربوية فعالة وناجعة، فكان المبدأ الأول المؤسس لهذا الاتزان الروحي والنفسي عند تلامذته يقوم على فعل الإخلاص .
و الإخلاص أول منزلة تربوية صوفية، عرفه الشيخ ماءالعينين بأنه” فعله القلب وهو أن يأتي بالفعل لوجه الله تعالى مخلصا له ولا يريد بذلك رياء ولا سمعة ولا غرضا اخر “1 ، أما المبدأ الثاني فيقوم على العدل، أي بعد الإخلاص لكون المتصوفة مذهبهم التوسط والاعتدال، يقول الجرجاني : ” العدل مصدر بمعنى العدالة والاعتدال والاستقامة وهو الميل الى الحق”2، ويقول ابن مسكويه : ” إن العدالة لقب للتمسك بالشريعة “3.
الاخلاص والعدل آداب نبوية في نظر الشيخ ماءالعينين، على المربي الالتزام بها، يحفظها ويطبقها لما لها من وقع في نفسية المريد. إذ من نتائج التمسك بهذه الفضائل كسب فضيلة الايمان والتمسك بسنة النبي عليه الصلاة والسلام، لأن التمسك وقوة الايمان شرف للمربي حسب الشيخ ماءالعينين بل اعتبره “أكرم الجواهر طبيعة وأنفسها قيمة، يرفع الأحساب الوضيعة ويفيد الرغائب الجليلة…”4.

بقلم: محمد الأغظف بوية

الهوامش :
1 كتاب نعت البدايات وتوصيف النهايات الشيخ ماءالعينين ص146
2 الجرجاني كتاب التعريفات ص 79
3 ابن مسكويه : تهذيب الاخلاق .دار الكتب العلميه ص1 بيروت 1981
4 نعت البدايات وتوصيف النهايات ص 148