تأملات في المصطلح الصوفي عند الشيخ ماءالعينين من خلال كتاب ” نعت البدايات وتوصيف النهايات “

أولا في معنى المصطلح :

في العلوم: كل كلمة لها دلالة معينة، متفق عليها بين العلماء في علم ما.

ثانيا من هو الشيخ ماء العينين :

” صاحب” كتاب نعت البدايات وتوصيف النهايات “والشيخ ماءالعينين هو اسم علم انتسب اليه الشيخ الفذ ولقب به واشتهر عند كافة أهل العلم والمعرفة في زمنه ،وخاصة أهالي الصحراء وموريتانيا وباقي بلاد المغرب العربي الكبير .فهو من كبار الشيوخ البارزين الذين عرفتهم الصحراء في أوساط القرن الثالث عشر الهجري ، وبالضبط في اوائل سنة 1270ه وسار بذكره الركبان ، فطبقت شهرته الآفاق ، فتألق اسمه في سماء العلم والمعرفة بين الناس كشيخ وعالم وفقيه ومحدث وأديب ومتصوف وقائد في ميدان الحرب. ” 1

ثالثا في معنى التصوف :

يقول الشيخ ماءالعينين في أفضلية التصوف : ” …وكان علم التصوف من أفضلها وأجملها وأجلها ، لانه علم به صلاح القلوب ، وبه تهذيبها من العيوب ،وبه انكشاف الحجب عنها لمشاهدة الغيوب ” 2

وقد عرف الشيخ ابن عربي الحاتمي التصوف بأنه : الوقوف مع الآداب الشرعية ظاهرا وباطنا ، وهي الأخلاق الإلهية ، وقد يقال بإزاء إثبات المكارم للأخلاق وتجنب سفسافها لتجلي الصفات الإلهية ، وعندنا الاتصاف بأخلاق العبودية ، وهو الصحيح فانه اتم ” 3

رابعا : المصطلحات التي استعملها الشيخ ماءالعينين في كتابه ” نعت البدايات …”

مصطلحات صوفية :

الاخلاص وقد عرفه الشيخ بقوله ” الاخلاص فعله القلب ، وهو ا نياتي بالفعل وجه الله تعالى مخلصا له ولايريد بذلك رياء ولا سمعة ولا غرضا ..”4

الايمان : ” لغة التصديق بالقلب ، وفي الاصطلاح :هو الاعتقاد بالقلب والاقرار باللسان ، قيل من شهد وعمل ولم يعتقد فهو منافق “5

الارادة : حسب الشيخ ماءالعينين فالارادة هي ” لوعة في القلب يطلقونها ، ويريدون بها ارادة المتمني ..” 6

الاسلام : عرفه الجرجاني بأنه ” هو الخضوع والانقياد لما اخبر به الرسول عليه الصلاة والسلام.”7

الاسم الأعظم : وقد قدم الشيخ ماالعينين تعريفا جامعا لمفهومه ،فربطها أولا بالحقيقة المحمدية ” عبارة عن الحقيقة المحمدية ، فمن عرفها عرفه ، وهي صورة الاسم الجامع الالهي ،وهو ربها ،ومنه الفيض ،فاعرف تفز بالحظ الأوفى وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم ” اسم الله لا اله الا هو الحي القيوم ،وفي طه وعنت الوجوه للحي القيوم ” 8

الاخ والاخوة : وقد استعمل الشيخ هذا المصطلح 39 مرة في كتابه ” نعت …” وقد قدم شرحا وافيا ففي نظره ” الأخ- في الأصل المشارك الأخر في الولادة من الطرفين او احدهما أو من الرضاع ،ويستعار في كل مشارك لغيره في القبيلة أو الدين أو في صنعة أو في معاملة أو في مودة أو في غير ذلك من المناسبات ، وسئل الجنيد *قدس الله سره عن الأخ ،فقال : هو أنت في الحقيقة الا أنه غيرك في الشخص قال تعالى (إن المؤمنون إخوة لواحد )ـ الحجرات :10ـ،قال بعض أهل اللغة : الإخوة جمع أخ من النسب ، والإخوان جمع الاخ من الصداقة ،ويقع احدهما موقع الاخر .” 9

أولوا الألباب: ” أولوا الألباب حقيقة هم الزاهدون في الدنيا “.

الأستاذ : ارتبط مصطلح الأستاذ بالصوفية .فقد لقب القشيري بالأستاذ .وعرفه الشيخ ماءالعينين بقوله :” من وهب المواهب وأراح من تعب المكاسب ،الأستاذ أكمل من الشيخ في الأحوال وأعلى منه بالمعارف والأقوال ، الأستاذ من جمع دين الأنبياء ،وتدبير الأطباء ،وسياسة الملوك ،وافتقر لفتاته الملك والصعلوك ،الأستاذ له تصريف التمكين ، وإيضاح التبيين ، الأستاذ عالم مطلق ، وسند محقق ،الأستاذ فتى الأخلاق ، نجيب الخلاق ” 10

التوكل : ” تفويض الامر الى الله والاعتماد على كفايته ” 11

الحضور : ” هو ان يكون العبد حاضرا بقلبه ،غير غافل عنه ،وعلى قدر الغيبة عن الخلق ،يكون الحضور بالحق “.12

المقام وقد ذكره الشيخ 26 مرة وعرفه في كتابه الإيضاح لبعض الاصطلاح بقوله ” هو ما يتحقق العبد بمنازلته من الأدب وشرطه أن لا ينتقل عنه حتى يستوي في أحكام الأول ،والفرق بينه وبين أن الأحوال مواهب والمقامات مكاسب “.

وردد الشيخ في كتابه نعت البدايات وتوصيف النهايات مصطلح المكاشفة 23مرة وعرف المكاشفة في كتابه الإيضاح بقوله ” المكاشفة هي حضور القلب بنعت البيان، من غير افتقار إلى تأمل البرهان…” .

أما مصطلح المرشد فقد ذكره ثلاثة مرات وعرف من طرف الجرجاني في التعريفات بأنه هو ” الذي يدل على الطريق المستقيم قبل الضلالة “.

ومما يثير الاستغراب أن الشيخ ماءالعينين وضع تقسيما للنفس مقدما تعريفا لكل نوع فمثلا وضع تعريفا للنفس المرضية ” النفس المرضية : لكون صاحبها مرضيا عند الحق والخلق .” 13

ولا يخلو النص العيني من مفاهيم لها علاقة مركزة بدائرة اشمل من المصطلح الصوفي أو تتموقع خارج دائرة التصوف مثل مفهوم الواقع والذي عرفه الطوسي في تحفته “اللمع ” بقوله “الواقع ما يثبت ولا يزول بواقع أخر “.

غناء النص العيني يجعل الباحث يقف أمام ذاكرة تاريخية وعالم جليل مجتهد شيخ يحمل معه جوامع الاجتهاد .وعندما اصف الشيخ ماءالعينين بصفة “الشيخ ” فانه فعلا يحمل حمولتها في وقت يسري هذا المصطلح ويشيع فيحمل فلان صفة الشيخ، وهو يجهل معناه .ولذلك فقد قدم أرباب التصوف في معنى الشيخ جملة من الشروحات والتعاريف على الرغم من أن مشاييخ وأرباب التصوف كانوا لايخفون قلق العبارة، يرفضون تسميتهم وهذا تواضع منهم .فالشيخ ” هو الإنسان الكامل في علوم الشريعة والطريقة والحقيقة ” حسب كمال الدين عبد الرزاق القاشاني في كتابه ” اصطلاحات الصوفية ” .

ختاما….إلى قراءة أخرى


بقلم الأستاذ محمد الأغظف بوية

هوامش

1/2/3/4/5/6/7/8/9/10/11/12/13/…معجم المصطلحات الواردة في كتاب ” نعت البدايات وتوصيف النهايات ” للشيخ ماءالعينين .من تأليف محمد الاغظف بوية .